لكشفها غالباً عن اهتمامه باُمور الدين، وسعيه في نشر آثار السادات الميامين، وهو فضيلة عظيمة توصل صاحبها إلى مقام عليٍّ... قال العلّامة الطباطبائي في رجاله: «مضافاً إلى كثرة رواياته في الفروع والاُصول وسلامتها عن وجوه الطعن والتضعيف خصوصاً عمّا غمز به من الارتفاع والتخليط، فإنّها خالية عنهما، وهي أعدل شاهد على براءته عمّا قيل فيه».۱
أقول: لا شكّ أنّ كثرة الرواية عن النبيّ وأهل بيته علیهم السلام أمر ممدوح، ويكسب الراوي نورانية الحديث، إنّما الكلام في النقطة التالية: هل أنّ كثرة الرواية توجب توثيق الراوي والاعتماد عليه ـ كما هو المطلوب في محلّ البحث ـ أم لا ؟ وهل أنّ نقل الرواية يوجب علوّ مقام الراوي أم لا؟
الجواب: الذي يظهر لأوّل وهلة من النصوص التي رواها المحدّث النوري في هذا المجال هو أنّها توجب سموّ مقامه، ورفعة شأنه؛ حيث إنّ مفاد قول الإمام الصادق علیه السلام لولده الباقر علیه السلام: «يا بنيّ، اعرف منازل شيعة عليّ علیه السلام على قدر روايتهم ومعرفتهم» هو أنّ كثرة الرواية معيار لتقييم منزلة الشخص، فكلّما ازدادت الرواية ازدادت المنزلة. والسؤال المطروح هو: هل المراد من الرواية المذكورة بيان هذا المعنى، أم بيان شيء آخر؟
الجواب عليه يعتمد على فهمنا للحديث وفق المباني المذكورة في فقه الحديث، إلّا أنّنا إذا حلّلنا كلام المحدّث النوري واستدلاله بالرواية المذكورة وجدناه يعتمد على ثلاث ركائز، هي:
۱ ـ أنّ المراد من قوله: «على قدر روايتهم عنّا» هو مجرّد نقل الرواية.
۲ ـ أنّ كثرة نقل الرواية تلازم سموّ منزلة الراوي.
۳ ـ أنّ سموّ المنزلة يلازم الوثاقة.
فلابدّ من دراسة هذه النقاط الواحدة تلو الاُخرى؛ لنرى سلامة الاستدلال المذكور، فإن تمّت جميعاً تمّ الاستدلال، وإلّا فلا.