وعلی فرض فساد عقيدة «سهل» وانحرافه فإنّه لم يثبت كونه ذا منزلة اجتماعية، كي يكون ذا أثر سلبي علی المجتمع كي يستكشف من عدم ذمّ المعصوم له مدحه. ولهذا فلا يمكن إثبات وثاقته من خلال عدم ذمّ الأئمّة علیهم السلام له وبهذا ننتهي الی عدم تمامیة هذا الوجه لتوثیق سهل بن زیاد.
الوجه الرابع: مكاتبته للإمام العسكريّ علیه السلام
من الأدّلة المذكورة لوثاقة «سهل» هو أنّ النجاشي ذكر في ترجمة «سهل» العبارة التالية: «وقد كاتب أبا محمّد العسكري علیه السلام على يد محمّد بن عبد الحميد العطّار».۱ فقيل: إنّ مكاتبته إيّاه علیه السلام وسؤاله عن مسائل التوحيد، واعتناؤه علیه السلام بجوابه بخطّه المبارك لا يجتمع قطعاً مع ما نسب إليه من الغلوّ والكذب.۲
والنقطة التي استند إليها هذا الدليل ـ لاستظهار الوثاقة ـ هي مكاتبة «سهل» للإمام وسؤاله عن مسائل التوحيد واهتمام الإمام بجوابه، وذلك بأن أجابه بخطّ يده، وكلّ ذلك لا يجتمع مع ما نسب إليه من الغلوّ والكذب.
السؤال المطروح: هل يوجد تلازم خارجي بين مكاتبة الإمام وسؤاله عن مسألة توحيدية وبين سلامة العقيدة من الغلوّ، أم لا ؟
الجواب: إذا راجعنا التأريخ والروايات وجدنا بعض النماذج الدالّة على خلاف ذلك، فالذي يراجع تأريخ أهل البيت علیهم السلام يجد أنّ أخلاقهم أسمى وأرفع بكثير من إلّا يجيبوا مكاتبة رجل مخالف لهم، بل أرفع من ألّا يجيبوا رجلاً من أعدائهم، فضلاً عن أتباعهم، وما نقله التأريخ من مكاتبات أمير المؤمنين علیه السلام لمعاوية خير شاهد على ذلك. فمجرّد جواب الإمام ل«سهل» بخطّ يده لا يدلّ على مدحه، أو سلامة عقيدته، وإلّا لدلّ جواب أمير المؤمنين علیه السلام لمكاتبات معاوية على مثل ذلك.
نعم، سؤاله عن مسألة توحيدية قد يشعر بعدم غلوّه، إلّا أنّه لا يدلّ على سلامة عقيدته.