81
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

الطبقات وتعرّض احیاناً للتوثیق والتضعیف. وبعد هذه المقدّمة نقول: إنّ المبادئ العلمية التي يعتمدها علماء الرجال في بيان أحوال راوٍ معيّن هي مبادئ عقلائية، وليست لهم مبادئ خاصّة لمعرفة أحوال الرواة غير المبادئ المتعارفة. من هنا فإنّ المعلومات التي توفّرها هذه المبادئ قد تكون وافية في شخص، ناقصة في آخر، فإذا كانت المعلومات المتوفّرة حول راوٍ معيّن وافية تعرّضوا لشخصيّته من جميع الجهات السالفة، وإن كانت ناقصة ذكروا الجهات المتوفّرة عندهم حول شخصيته.

وبعبارة اُخرى: إذا لم تتوفّر لعلماء الرجال المعلومات الكافية حول بعض الجهات المشار إليها ذكروا خصوص ما توفّر لهم من الجهات، ولهذا فإنّهم قد يذكرون هوية الشخص ويذكرون طبقته ولا يصرّحون بتوثيقه أو تضعيفه، أو يذكرونه ويصرّحون بأنّه مجهول.

إذا اتّضح ما ذكرناه نقول: إنّ تعيين الطبقة يتمّ من خلال أحد السبيلين التاليين:

الأوّل: بيان الأئمّة الذين يروي عنهم. وهذا خاصّ بالمعاصرين للمعصومين.

الثاني: بيان المشايخ والتلاميذ (من يروي عنهم و يروون عنه)۱.

فإذا روى الرجل عن إمام بلا واسطة، وعن إمام أو أكثر بواسطة أو وسائط، فهو من طبقة الإمام الذي يروي عنه بلا واسطة، وهذا واضح. إنّما الكلام في النقطة التالية:

سؤال: إذا ذكرعلماء الرجال شخصاً في عداد الرواة عن إمام أو أكثر، فهل هو دالّ على مدحه كما ذكر المحدّث النوري، أم لا؟

الجواب: ذكر الرجل في أصحاب إمام أو أكثر لا يدلّ على مدحه، ولا على علوّ مقامه، وإنّما هو لبيان طبقته فحسب، فإذا كان الرجل من الرواة عن عدد من الأئمّة علیهم السلام، فهذا يعني أنّ طبقته تنسجم مع هؤلاء الأئمّة جميعاً، وليس هذا مدحاً له، وإلّا لصرّحوا بوثاقته أو مدحه. بل إنّ الهدف من تدوين بعض كتب الرجال هو بيان الطبقات، نظير: رجال الشيخ؛ ولهذا فإنّه ذكر

1.. أوّل من أبدع هذا الاُسلوب هو الشيخ محمّد عليّ الأردبيلي (المولود عام ۱۰۵۸ ه‍ والمتوفّى عام ۱۱۰۱ ه‍) على ما ادّعاه في كتابه.


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
80

سؤال: ما هي وظائف الرجالي في علم الرجال؟

الجواب: مهمّة الرجالي في علم الرجال هي بيان ما یلي:

۱. بيان الهوية الشخصية للراوي: یتناول الرجالیّون شخصیة الراوي من جوانبها التالیة:

أ ـ تحديد اسمه، واسم أبيه، وكنيته، ولقبه، ونسبته، وبلده وما إلى ذلك من اُمور.

ب ـ تحديد طبقته وتمييزه عمّن سواه؛ إذ قد يوجد الاسم الواحد في أكثر من طبقة، ويراد به عندئذ أكثر من شخص بلا ريب، والذي يحدّد لنا المراد منه في السند المطلوب هو علم الرجال، وذلك من خلال بيان طبقة الراوي.

ج ـ توحيد المختلفات وتمييز المشتركات: قد يذكر الراوي الواحد في الأسانید الواردة بعناوين مختلفة، مع أنّ المراد منها جميعاً شخص واحد، نظير «ابن أبي عمير» و «محمّد بن أبي عمير» و «محمّد بن زياد»، والمراد من الجميع شخص واحد.

كما أنّه قد يذكر عنوان واحد ويراد به أكثر من شخص، نظير العنوان: «أحمد بن محمّد» الوارد في بعض الأسانید والذي يحتمل كونه أحد التالين: «أحمد بن محمّد بن عيسى، أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي»، والأوّلان من طبقة واحدة بخلاف الثالث.

وقد يكون المذكور في الأسانید هو كنية الراوي لا اسمه، نظير: «أبي بصير»، فعلم الرجال يتولّى تعيين المراد من هذا العنوان في الأسانید. ولهذا نجد رسائل رجالية عديدة تناولت تعيين المراد بأبي بصير، كما نجد الكتب الخاصّة بتمييز المشتركات نظير: «تمييز المشتركات» للكاظمي.

فهذه المجاور جميعاً تدخل في إطار الوظیفة الاُولی لعلم الرجال وهي تحدید هویة الراوي.

۲. بيان وثاقة الراوي وعدمها: يتناول الرجاليّون البحث في وثاقة الراوي وعدم وثاقته، و دراسة أحواله التي لها دخل في تحديد ذلك؛ كحفظه وتخليطه.

فهذه المهامّ الرئیسیة للرجالي في علم الرجال، وقد یتناول الرجالي بعضها دون بعض؛ فمثلاً تناول الکشي في رجاله التوثیق والتضعیف فحسب، وتناول الشيخ في رجاله تعیین

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19774
صفحه از 348
پرینت  ارسال به