79
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

إنّ الشيخ رحمه اللّٰه كثيراً مّا تأمّل في أحاديث جماعة بسببهم، لكنّه لم يتّفق له ذلك بالنسبة إليه بسببه، بل وفي خصوص الحديث الذي هو واقع في سنده. وربما يطعن ويتكّلف في الطعن من جهة اُخری، ولا يتأمّل فيه أصلاً. ۱

وقد سبقه لهذا الوجه المحدّث النوري رحمه الله.۲

أقول: هذا الوجه يرجع الی وثاقة سهل من منظار الشيخ الطوسي رحمه الله أیضاً.

الوجه الثالث: روايته عن ثلاثة من الأئمّة

ذكر المحدّث النوري رحمه الله والشيخ المامقاني۳ هذا الوجه، فكتب المحدّث النوري قائلاً:

إنّ سهلاً ممّن يروي عن ثلاثة من الأئمّة علیهم السلام، وهم: الجواد والهادي والعسكري علیهم السلام كما يظهر من ذكره في رجال الشيخ في الأبواب الثلاثة. بل لم يذكر أبو عمرو الكشّي في ترجمة سهل سوى قوله: «يروي عن أبي جعفر وأبي الحسن وأبي محمّد صلوات اللّٰه عليهم». ولا يخفى على من أنس بكلماتهم أنّهم يذكرون ذلك في مقام مدح الراوي وعلوّ مقامه، وإذا لوحظ مع ذلك أنّه لم يرد فيه طعن من أحدهم علیهم السلام ـ كما ورد منهم الطعن والذمّ واللعن في حقّ جماعة من الغلاة والكذّابين في هذه الطبقة - مع أنّه كان معروفاً مشهوراً يروي عنهم علیهم السلام، كانت دلالته على المدح القريب من الوثاقة ظاهرة.۴

أقول: بالتأمّل فيما ذكره يمكن إبداء ملاحظتين:

الملاحظة الاُولى: ذكر أنّه يروي عن ثلاثة من الأئمّة، ثمّ استظهر منه مدح «سهل» فقال: «ولا يخفى على من أنس بكلماتهم أنّهم يذكرون ذلك في مقام مدح الراوي وعلوّ مقامه». والنقطة الأساسية التي يعتمدها هذا الاستدلال هي وجود التلازم بين كون الراوي ممّن يروي عن عدد من الأئمّة وبين كونه ممدوحاً، فهل هذا تامّ؟ قبل الإجابة على هذا السؤال علينا أن نجيب على سؤال آخر هو بمنزلة المقدّمة للإجابة على السؤال المذكور، وهو:

1.. تنقيح المقال: ج۳۴ ص۱۸۹.

2.. اُنظر: خاتمة المستدرك: ج۵ ص۲۱۴.

3.. انظر تنقيح المقال: ج۳۴ ص۱۹۰.

4.. اُنظر: خاتمة المستدرك: ج۵ ص۲۱۴.


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
78

عن تضعيفه. وهذا الكلام مخدوش من وجوه:

الأوّل: إنّ هذا إنّما يتمّ في الفتوى دون الحكاية والإخبار، فإنّ العبرة فيها بزمان المحكيّ عنه دون زمان الحكاية، فبين الحكايتين معارضة لا محالة.

الثاني: إنّ تضعيف الشيخ في الفهرست وإن كان متقدّماً على توثيقه، إلّا أنّ تضعيفه في الاستبصار غير متقدّم عليه.

الثالث: إنّ توثيق الشيخ معارَض بما ذكرناه من التضعيفات ولا سيما شهادة أحمد بن محمّد بن عيسى بكذبه.

أقول: ما ذكره رحمه الله في الإشكال الأوّل من أنّ هذا يتمّ في الفتوى دون الحكاية والإخبار، مبنيّ علی كون حجّية آراء الرجاليين هي من باب الشهادة۱، أو من باب خبر الواحد۲، لا باعتبارهم أهل خبرة، والسيرة العقلائية علی مدی الأعصار هي الرجوع لأهل الخبرة في كلّ مجال إذا أفاد قولُهم الوثوق، مع عدم ردع الشارع عنها.۳ فإذا كانت من النحو الأخير فلا يلزم ما ذكره رحمه الله، فكما يقع تبدّل الآراء في الفتاوی ويكون الأخير منها حجّة، كذلك يقع في وثاقة الراوي وعدمه ويكون الأخير منهما حجّة.

وأمّا إشكاله الثاني فلم نعثر علی ما أشار إليه من التضعيف في كتاب الاستبصار. علی أنّه لو كان ضعيفاً من منظاره لضعّف الأحاديث بسببه، في حين أنّه لم يّتفق له ذلك علی ما سيأتي في الدليل التالي.

وأمّا إشكاله الأخير فقد اتّضح جوابه ممّا تقدّم سابقاً؛ فإنّ الوجوه المذكورة لضعفه ليست تامّة.

وبهذا یسلم الوجه الأول من وجوه توثیق سهل بن زياد من الخدشة المذکورة.

الوجه الثاني: بناء الشيخ في التهذيبين على وثاقة «سهل»

كتب الشيخ المامقاني رحمه الله في الوجوه المذكورة لبيان وثاقة «سهل»، قائلاً:

1.. اُنظر: معجم رجال الحديث: ج۱ ص۴۱.

2.. اُنظر: المصدر السابق.

3.. اُنظر: فوائد الاُصول: ج۳ ص۱۴۲.

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19488
صفحه از 348
پرینت  ارسال به