77
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

وأمّا استثناء ابن الوليد لرواياته من كتاب نوادر الحكمة، فهو تضعيف لرواياته في هذا الكتاب خاصّة، وليس تضعيفاً لشخصه.

۱ / ۳

ما استُدلّ به على وثاقة «سهل بن زياد»

بعد استعراض أقوال الرجاليين في حقّ سهل بن زياد وما قيل في تضعيفه، سنسلّط الأضواء هنا علی ما قيل في توثيقه، ونقوم بدراسته وتحلیله، ومن خلال تعليقنا على الوجوه المذكورة سلباً أو إيجاباً يتّضح المختار.

الوجه الأوّل: توثيق الشيخ له في رجاله

ذكر الشيخُ سهلَ بن زياد في ثلاثة مواضع من رجاله، فقال في أصحاب الإمام الهادي علیه السلام: «سهل الآدمي، يكنّى أبا سعيد، ثقة رازي».۱

وبما أنّه ألّف كتاب الرجال بعد الفهرست، فتوثيقه فيه مقدّم على تضعيفه في الفهرست.۲

أقول: تقدّم الكلام۳ في تأخّر كتاب رجال الشيخ علی الفهرست، وقد نقلنا عبارة كلّ من الشيخ المامقاني رحمه الله في تنقيح المقال۴ والمحدّث النوري رحمه الله۵ بهذا الخصوص فراجع. وبه يعلم أنّ ما ذكره في الرجال هو المعتمد.

وأشكل السيّد الخوئي رحمه الله علی هذا الوجه قائلاً:

إنّ بعض من حاول توثيق سهل بن زياد ذكر في جملة ما ذكر أنّ تضعيف الشيخ لا يعارض توثيقه، فإنّ كتاب الرجال متأخّر عن كتاب الفهرست، فيكون توثيقه عدولاً

1.. رجال الطوسي: ص۳۸۷ الترجمة ۵۶۹۹.

2.. اُنظر: خاتمة المستدرك: ج۵ ص۲۱۴، تنقيح المقال: ج۳۴ ص۱۸۸.

3.. راجع الوجه السادس من الوجوه المذكورة لتضعيف «سهل».

4.. تنقيح المقال: ج۳۴ ص۱۹۳.

5.. خاتمة المستدرك: ج۵ ص۲۴۷ - ۲۴۸.


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
76

والكوفة مع كثرة المحدّثين فيها، ممّا يكشف عن أن تصرّف أحمد الأشعري مع «سهل» جاء باعتباره شخصية سياسية وأمير البلد، لا باعتباره محدّثاً كباقي المحدّثين.

على أنّ أحمد الأشعري ليس معصوماً وليس فعله حجّة علينا، فلابدّ أن نقيّم تصرّفه المذكور بما له من قيمة عند العقلاء. نعم، لو كان إخراجه بأمر الإمام المعصوم لتعاملنا معه بشكل آخر.

علماً أنّ النجاشي عبّر بقوله: «و كان أحمد بن محمّد بن عيسى... و أخرجه من قم إلى الريّ، و كان يسكنها»، فعبّر بالإخراج ولم يعبّر بالطرد والنفي ونحوهما، والإخراج أعمّ منهما. مع أنّ البعض تعاملوا مع هذا التصرّف باعتباره طرداً، فلابدّ من إمعان النظر في التعبير المذكور.

نعم، يبقى التساؤل التالي: لماذا أخرج أحمد الاشعري سهلاً إلى الريّ القريبة من قم، ولم يخرجه إلى مدن بعيدة؟ فلو كان إخراجه من قم بسبب غلوّه وكذبه وضعفه، ولأجل منع الرواة عن النقل عنه، فلماذا لم يبعده إلى مدن نائية؟ علماً أنّ الريّ تضمّ عدداً من المحدّثين آنذاك.

يرى اُستاذ علم الرجال الفاضل علي رضا الحسيني۱ أنّ السبب في ذلك لا يرجع للنقطة المذكورة، وإنّما هو ضمن خطّة مبرمجة لنشر الحديث في الريّ، ولهذا فإنّه أخرج أحمد بن محمّد بن خالد البرقي إلى الريّ أيضاً، وكلاهما من المكثرين لنقل الحديث. وهذه النقطة تحتاج إلى متابعة أكثر في القرائن والشواهد التاريخية والحديثية.

وأمّا وصفه بالغلوّ والكذب فقد اتّضح أنّهما مستعملان بمعانٍ عديدة، لا خصوص ما تنصرف إليه أذهاننا في العصر الحاضر، وأنّ المراد من الكذب ليس هو تعمّد نقل المطالب المخالفة للواقع، بل هو بمعنى الخطأ في النقل.

كما أنّ المراد من الغلوّ ليس هو الغلوّ العقيدي كما هو المتبادر في هذا العصر؛ إذ لا نجد له رواية دالّة على ذلك، بل الموجود منها على خلافه، فالمراد به هو الغلوّ الأفعالي على ما يبدو.

1.. اُستاذ علم الرجال في كلّية علوم الحديث والمرکز التخصصّي لعوم الحدیث في الحوزة العلمیة في قم المقدّسة، وقد سمعت ذلك منه شفهياً.

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19485
صفحه از 348
پرینت  ارسال به