يظهر من استثناء أبي العبّاس أنّ استثناء ابن الوليد إنّما هو لضعف في الرجال نفسهم. نعم، وثّقه النجاشي، لكن سكت عند نقل عبارة ابن نوح، ولعلَّه لرضاه بما ذكره.۱
وهو صريح في أنّ التضعيف راجع لضعف الرواة أنفسهم.
وفي قبال ذلك كتب الوحيد البهبهاني رحمه الله:
وربما يتأمّل في إفادة هذا الاستثناء القدح في نفس الرجل المستثنى... ويؤيّده أنّ النجاشي وغيره وثّقوا بعضاً من هؤلاء، مثل: الحسن بن الحسين اللؤلؤي.۲
وكتب السيّد الخوئي رحمه الله:
التحقيق أنّ استثناء ابن الوليد لا يكشف عن جرح وقدح في نفس الرجل، فإنّ النجاشي قد تعرّض لنقل هذا الاستثناء في موضعين من كتابه: أحدهما: في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى، فعدّ من جملة ما استثناه ابن الوليد من رواياته ما يرويه محمّد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع. وهذا كما ترى كالصريح في أنّ منشأ الاستثناء كون الرواية مقطوعة، وليست هي بحجّة حينئذ بلا خلاف ولا إشكال وإن كان الراوي في أعلى درجات الوثاقة، فلا إشعار في هذه العبارة فضلاً عن الدلالة على قدح في العبيدي نفسه.
الثاني: في ترجمة محمّد بن عيسى بن عبيد نفسه، فحكى عن ابن الوليد أنّه قال: «ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا أعتمد عليه»، والظاهر من هذه العبارة أنّ سبب الاستثناء في نظر ابن الوليد وجود خلل في طريق العبيدي إلى كتب يونس لعلّة مجهولة لدينا، لا وجود الخلل والضعف في نفس العبيدي وإلّا لم يكن وجه لتخصيص الاستثناء بما يرويه عن يونس، بل كان اللازم الاستثناء على سبيل الإطلاق للغوية التقييد حينئذ، فالتقييد المزبور أقوى شاهد على أنّ الرجل لم يكن بنفسه ممقوتاً عند ابن الوليد.۳