71
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

المستثنى، وهو دالّ بالملازمة على ضعف الذين تمّ استثناء رواياتهم، وإلّا لم يكن للاستثناء من معنى. ومن جملة المستثنين سهل بن زياد، فهو دالّ علی تضعيفه، علماً أنّ هذا التضعيف قد صدر من وجه من وجوه القميّين.

وقبل الإجابة علی هذا الوجه نذكّر بأنّه وقع الخلاف الشديد بين الأعلام في فهم العبارة المذكورة، وهل هي دالّة علی ضعف المذكورين، أم أنّها دالّة علی ضعف رواياتهم في كتاب نوادر الحكمة فحسب.۱

وبعبارة اُخری: إذا نظرنا للعبارة المذكورة بنظرة رجالية فقد نفهم منها تضعيف المذكورين في الاستثناء، وأمّا إذا لاحظناها بنظرة فهرستية فإنّها لا تدلّ إلّا علی عدم الاعتماد علی رواياتهم في كتاب نوادر الحكمة. إليك فيما يلي بعض كلماتهم في هذا المجال:

فكتب الشيخ الطوسي في هذا المجال قائلاً:

أنّا وجدنا الطائفة ميّزت الرّجال الناقلة لهذه الأخبار، ووثّقت الثقات منهم، وضعّفت الضعفاء، وفرّقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته، ومن لا يعتمد على خبره، ومدحوا الممدوح منهم وذمّوا المذموم، وقالوا: فلان متّهم في حديثه، وفلان كذّاب، وفلان مخلّط، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد، وفلان واقفي، وفلان فطحي، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها، وصنّفوا في ذلك الكتب، واستثنوا الرّجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم، حتّى إنّ واحداً منهم إذا أنكر حديثاً نظر في إسناده وضعفه برواته. هذه عادتهم على قديم الوقت وحديثه لا تنخرم، فلو لا أنّ العمل بما يسلم من الطعن ويرويه من هو موثوق به جائز، لما كان بينه وبين غيره فرق، وكان يكون خبره مطروحاً مثل خبر غيره، فلا يكون فائدة لشروعهم فيما شرعوا فيه من التضعيف والتوثيق وترجيح الأخبار بعضها على بعض.۲

وهو ظاهر في أنّ الاستثناء المذكور لتضعيف الرواة أنفسهم، لا تضعيف رواياتهم في نوادر الحكمة. وكتب الإمام الخميني رحمه الله في هذا المجال:

1.. راجع: اُصول علم الرجال (آية اللّٰه مسلم الداوري): ج۱ ص۲۰۱ – ۲۱۱.

2.. عدّة الاُصول: ص۱۴۱.


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
70

الوجه السابع:استثناء ابن الوليد رواياته من روايات نوادر الحكمة

ذكر النجاشي في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري أن محمّد بن الحسن بن الوليد استثنی عدداً من روايات كتاب «نوادر الحكمة»، فكتب قائلاً:

محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد اللّٰه بن سعد بن مالك الأشعري القمّي أبو جعفر، كان ثقة في الحديث، إلّا أنّ أصحابنا قالوا: كان يروي عن الضعفاء و يعتمد المراسيل، و لا يبالي عمّن أخذ، و ما عليه في نفسه مطعن في شي‏ء، و كان محمّد بن الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمّد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن محمّد بن موسى الهمداني، أو ما رواه عن رجل، أو: يقول بعض أصحابنا، أو عن محمّد بن يحيى المعاذي، أو عن أبي عبد اللّٰه الرازي الجاموراني، أو عن أبي عبد اللّٰه السيّاري، أو عن يوسف بن السخت، أو عن وهب بن منبّه، أو عن أبي عليّ النيشابوري (النيسابوري)، أو عن أبي يحيى الواسطي، أو عن محمّد بن عليّ أبي سمينة، أو يقول: في حديث أو كتاب و لم أروه، أو عن سهل بن زياد الآدمي، أو عن محمّد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع، أو عن أحمد بن هلال أو محمّد بن علي الهمداني، أو عبد اللّٰه بن محمّد الشامي، أو عبد اللّٰه بن أحمد الرازي، أو أحمد بن الحسين بن سعيد، أو أحمد بن بشير الرقّي، أو عن محمّد بن هارون، أو عن ممويه بن معروف، أو عن محمّد بن عبد اللّٰه بن مهران، أو ما ينفرد (يتفرّد) به الحسن بن الحسين اللؤلؤي، و ما يرويه عن جعفر بن محمّد بن مالك أو يوسف بن الحارث أو عبد اللّٰه بن محمّد الدمشقي.

قال أبو العبّاس بن نوح: و قد أصاب شيخُنا أبو جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد في ذلك كلّه، و تبعه أبو جعفر بن بابويه رحمه اللّٰه على ذلك، إلّا في محمّد بن عيسى بن عبيد، فلا أدري ما رابه فيه؛ لأنّه كان على ظاهر العدالة و الثقة....۱

والنقطة الأساسية التي يرتكز عليها هذا الوجه هي: أنّ «محمّد بن أحمد بن يحيى» صاحب كتاب نوادر الحكمة ثقة في نفسه كما صرّح به النجاشي، فاستثناء عدد من روايات كتابه ـ وهي المروية عمّن ذكرهم ابن الوليد ـ يدلّ على صحّة روايات الكتاب سوى المقدار

1.. رجال النجاشي: ص۳۴۸ الترجمة ۹۳۹.

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19639
صفحه از 348
پرینت  ارسال به