يا أحمق، ما أنت و ذاك؟! قد شقّ موسى على هارون علیهما اسلام....۱
هذه تمام النصوص التي استخدمت تعبير «الأحمق» في كتبنا الرجاليّة. والآن لندرسها الواحد تلو الآخر.
أمّا الرواية الاُولى فلا شكّ في أنّ التعبير المذكور فيها لا يراد به الطعن في الراوي من جهة الرواية، بل الطعن فيه من جهة عدم حفظ الأمانة كما هو واضح. كما أنّ المراد من كون ربع الشيعة حمقى هو أنّهم لا يحفظون السرّ، لا أنّهم يكذبون وما إلى ذلك. وكلا المعنيين مأخوذ من قولهم: «حمِقَ الرجل، إِذا فَعَلَ فِعْلَ الحَمْقَى» أو من «وضع الشيء في غير موضعه».
كما أنّ المراد بالأحمق في الرواية الثانية هو عدم الحفظ كما يبدو من سياق الرواية. وهو من «وضع الشيء في غير موضعه» أيضاً.
وأمّا الرواية الثالثة فالمراد بالأحمق فيها هو قلّة العقل، بمعنى سوء التصرّف أو الإتيان بالتصرّف غير اللائق، ولا يراد به الطعن في الشخص من جهة اُخرى، كما هو واضح من السياق. وهذا المعنى هو الذي صرّح به ابن منظور بقوله: «الحُمْقُ: ضدّ العَقْل. و حمِقَ الرجل، إِذا فَعَلَ فِعْلَ الحَمْقَى».
وأمّا الرواية الرابعة فهي نقل آخر للرواية الثالثة وليست رواية اُخرى.
وبالتأمّل فيما تقدّم يتّضح أنّ تعبير «الأحمق» قد استعمل أوّلاً في رجال الكشّي خاصّة، ثمّ نقل عنه ابن داود في رجاله۲ والعلّامة في الخلاصة۳، ولا نجد استعماله في رجال البرقي، ولا في رجال الشيخ وفهرسته، ولا في كتاب النجاشي، مع الشيخ والنجاشي خرّيتا هذا الفن، ممّا يكشف عن عدم كونه اصطلاحاً رجالياً للدلالة علی ذمّ الراوي، وإنّما هو تعبير مستعمل في الروايات بمعناه اللغوي.
والذي ننتهي إليه ممّا تقدّم هو: أنّ وصف الأحمق ليس طعناً في الرواي، بل هو بمعناه