67
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

يا أحمق، ما أنت و ذاك؟! قد شقّ موسى على هارون علیهما اسلام....۱

هذه تمام النصوص التي استخدمت تعبير «الأحمق» في كتبنا الرجاليّة. والآن لندرسها الواحد تلو الآخر.

أمّا الرواية الاُولى فلا شكّ في أنّ التعبير المذكور فيها لا يراد به الطعن في الراوي من جهة الرواية، بل الطعن فيه من جهة عدم حفظ الأمانة كما هو واضح. كما أنّ المراد من كون ربع الشيعة حمقى هو أنّهم لا يحفظون السرّ، لا أنّهم يكذبون وما إلى ذلك. وكلا المعنيين مأخوذ من قولهم: «حمِقَ الرجل، إِذا فَعَلَ فِعْلَ الحَمْقَى» أو من «وضع الشيء في غير موضعه».

كما أنّ المراد بالأحمق في الرواية الثانية هو عدم الحفظ كما يبدو من سياق الرواية. وهو من «وضع الشيء في غير موضعه» أيضاً.

وأمّا الرواية الثالثة فالمراد بالأحمق فيها هو قلّة العقل، بمعنى سوء التصرّف أو الإتيان بالتصرّف غير اللائق، ولا يراد به الطعن في الشخص من جهة اُخرى، كما هو واضح من السياق. وهذا المعنى هو الذي صرّح به ابن منظور بقوله: «الحُمْقُ: ضدّ العَقْل. و حمِقَ الرجل، إِذا فَعَلَ فِعْلَ الحَمْقَى».

وأمّا الرواية الرابعة فهي نقل آخر للرواية الثالثة وليست رواية اُخرى.

وبالتأمّل فيما تقدّم يتّضح أنّ تعبير «الأحمق» قد استعمل أوّلاً في رجال الكشّي خاصّة، ثمّ نقل عنه ابن داود في رجاله۲ والعلّامة في الخلاصة۳، ولا نجد استعماله في رجال البرقي، ولا في رجال الشيخ وفهرسته، ولا في كتاب النجاشي، مع الشيخ والنجاشي خرّيتا هذا الفن، ممّا يكشف عن عدم كونه اصطلاحاً رجالياً للدلالة علی ذمّ الراوي، وإنّما هو تعبير مستعمل في الروايات بمعناه اللغوي.

والذي ننتهي إليه ممّا تقدّم هو: أنّ وصف الأحمق ليس طعناً في الرواي، بل هو بمعناه

1.. المصدر السابق: ج۱ ص۵۷۳ الترجمة ۱۰۸۵.

2.. رجال ابن داود: ج۱ ص۵۱۱ الترجمة ۴۶۷.

3.. الخلاصة: ج۱ ص۲۰۷ الترجمة ۷، وص۲۳۰ ترجمة صالح بن محمّد بن سهل.


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
66

ب ـ الأحمق في كتب الرجال:

بعد تتبّع هذا اللفظ في عبارات الرجاليّين عثرنا عليه في بضع موارد ـ كلّها في رجال الكشّي ـ نستعرضها فيما يلي:

۱ ـ... حدّثنا أسلم مولى محمّد بن الحنفية، قال: كنت مع أبي جعفر علیه السلام جالساً مسنداً ظهري إلى زمزم، فمرّ علينا محمّد بن عبد اللّٰه بن الحسن و هو يطوف بالبيت، فقال أبو جعفر: «يا أسلم، أتعرف هذا الشابّ؟» قلت: نعم، هذا محمّد بن عبد اللّٰه بن الحسن. قال: «أما إنه سيظهر ويقتل في حال مضيعة»، ثمّ قال: «يا أسلم، لا تحدّث بهذا الحديث أحداً فإنّه عندك أمانة». قال: فحدّثتُ به معروف بن خرّبوذ، و أخذت عليه مثل ما أخذ عليّ. قال: و كنا عند أبي جعفر علیه السلام غدوة و عشية أربعة من أهل مكّة، فسأله معروف عن هذا الحديث... قال: فالتفت إلى أسلم، فقال له أسلم: جعلتُ فداك، إنّي أخذت عليه مثل الذي أخذته عليَّ. قال فقال أبو جعفر علیه السلام:

۰.لو كان الناس كلّهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم لنا شكّاكاً، والربع الآخر أحمق.۱

۲ ـ... حدّثني يونس بن عبد الرحمن عن رجل، قال: قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام:

۰.كان أبو الخطّاب أحمق، فكنت اُحدثه فكان لا يحفظ، و كان يزيد من عنده.۲

۳ ـ... حدّثني محمّد بن الحسن بن شمّون و غيره، قال: خرج أبو محمّد علیه السلام في جنازة أبي الحسن علیه السلام و قميصه مشقوق، فكتب إليه أبو عون الأبرش قرابة نجاح بن سلمه: من رأيت أو بلغك من الأئمّة شقّ ثوبه في مثل هذا؟ فكتب إليه أبو محمّد علیه السلام:

۰.يا أحمق، و ما يدريك ما هذا؟! قد شقّ موسى على هارون علیهما اسلام.۳

۴ ـ أحمد بن عليّ، قال: حدّثني إسحاق، قال: حدّثني إبراهيم بن الخضيب الأنباري، قال: كتب أبو عون الأبرش قرابة نجاح بن سلمه إلى أبي محمّد علیه السلام أنّ الناس قد استوحشوا من شقّك ثوبك على أبي الحسن علیه السلام؟ فقال:

1.. رجال الكشّي: ج۱ ص۲۰۵ الترجمة ۳۵۹، الخلاصة للحلّي: ج۱ ص۳۲۶ الترجمة۱۲۸۴.

2.. رجال الكشّي: ج۱ ص۲۹۵ الترجمة ۵۲۲، رجال ابن داود: ج۱ ص۵۱۱ الترجمة ۴۶۷.

3.. رجال الكشّي: ج۱ ص۵۷۲ الترجمة ۱۰۸۴.

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19510
صفحه از 348
پرینت  ارسال به