العلماء والمحدّثين أن يبرزوا ردّ فعل مناسب تجاه ذلك، ولاريب أنّ التساهل في نقل الحديث وروايته يسبّب ضياع الحديث، فلابدّ من مواجهته بالنحو المناسب؛ نظراً لخطورته البالغة.
وبما أنّ سهلاً ضعيف في الحديث۱، فقد واجهه أحمد الأشعري بهذه المواجهة فأخرجه من قمّ؛ وما ذاك إلّا ليبيّن للرواة أهمّية حفظ الحديث ورعايته، ولزوم الدقّة والتشدّد وعدم التسامح في نقله.
وبعبارة أُخرى: إخراج «سهل» من قم هو للتنديد والردع عن التساهل في نقل الحديث.
ويشهد لما ذكرناه أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى واجه أحمد بن محمّد بن خالد بفعل مشابه، حيث أخرجه من قم أيضاً بسبب نقله عن الضعفاء، قال الشيخ في ترجمته:
أحمد بن محمّد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمّد بن عليّ البرقي، أبو جعفر، أصله كوفي، و كان جدّه محمّد بن عليّ حبسه يوسف بن عمر والي العراق بعد قتل زيد بن عليّ بن الحسين علیه السلام ثمّ قتله، و كان خالد صغير السن، فهرب مع أبيه عبد الرحمن إلى برقة قم فأقاموا بها، و كان ثقة في نفسه غير أنّه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل. و صنّف كتباً كثيرة، منها المحاسن و غيرها....۲
فصرّح الشيخ بأنّه ثقة في نفسه إلّا أنّه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل، ولهذا أبعده أحمد الأشعري من قم، كما صرّح بذلك ابن الغضائري حيث قال:
أحمد بن محمّد بن خالد بن محمّد بن عليّ البرقي يكنّى أبا جعفر. طعن القمّيون عليه، و ليس الطعن فيه، إنّما الطعن في من يروي عنه، فإنّه كان لا يبالي عمّن يأخذ على طريقة أهل الأخبار. و كان أحمد بن محمّد بن عيسى أبعده عن قم، ثمّ أعاده إليها و اعتذر إليه.۳
فهذا الإبعاد تعبير واضح من قبل أحمد الأشعري عن عدم ارتضائه للمباني الحديثية لكلّ