59
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

محمّد بن أبي القاسم عبيد اللّٰه الملقّب ماجيلويه علی ما ورد في طريق النجاشي إليه۱، مع أنّ محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه «سيّد من أصحابنا القمّيين ثقة، عالم فقيه، عارف بالأدب و الشعر و الغريب» علی ما وصفه النجاشي۲.

فمن مجموع ما ذُكر يقوی في الظنّ أنّ المراد بالكذب المنسوب لسهل بن زياد هو المعنی اللغوي؛ أي الخطأ، لا المعنی المتبادر منه هذا اليوم، ولهذا روی عنه الأجلّاء ـ مثل الشيخ الكليني رحمه الله ـ المئات من الروايات، فلو كان سهل كاذباً بالمعنی المعاصر لما صحّ للنجاشي وصف الكليني بما وصفه مع روايته هذا العدد الكبير من الروايات عن رجل كذّاب! وأمّا إذا كان المراد بالكذب هو الخطأ فالكليني إذا اطمأن بصحّة الروايات التي رواها عن سهل فلا ضير في روايته لها.

وهذا المعنی من الكذب منسجم مع عبارة النجاشي في وصف سهل بقوله: «ضعيف في الحديث»، التي يراد منها ضعف مبانيه الحديثية كما تقدّم؛ حيث إنّ مقتضی ضعف مبانيه هو الاعتماد على ما لا ينبغي الاعتماد عليه، فيصحّ لأحمد وصفه بالكذب.

هذا تمام الكلام في الوجه الثاني من وجوه الطعن في سهل بن زياد؛ أعني نسبة أحمد بن محمّد بن عيسى الكذب والغلوّ إليه. واتضح بما ذكرناه عدم تمامیة هذا الوجه.

الوجه الثالث: إخراجه من قمّ

ثالث وجوه الطعن المذكورة في سهل بن زياد هي إخراجه من قمّ من قبل أحمد بن محمّد بن عيسى، كما صرّح به النجاشي، حيث إنّ إخراجه منها دالّ علی ضعفه، وإلّا لما أخرجه منها، ولكان حاله حال الكثير من الرواة.

وقد أجاب المحدّث النوري عن هذا الوجه بما حاصله:

1.. قال في ترجمته: «له من الكتب: كتاب الدلائل، و كتاب الوصايا، و كتاب العتق. أخبرنا أبو الحسين عليّ بن أحمد، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن، قال: حدّثنا محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه عنه بكتابه (بكتاب) الدلائل، و أخبرنا محمّد بن جعفر، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا جعفر بن عبد اللّٰه المحمّدي عنه بكتبه. و كتاب تفسير (عمّ يتساءلون) و كتاب الآداب. أخبرنا ابن شاذان، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه عنه».

2.. رجال النجاشي: ص۳۵۳ الترجمة ۹۴۷.


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
58

كتبه فقال:

له كتب منها: كتاب الممدوحين و المذمومين، كتاب مقتل أبي الخطّاب، كتاب مناقب أبي الخطّاب، كتاب الملاحم، كتاب التبصرة، كتاب القباب، كتاب النوادر و هو أقرب كتبه إلى الحقّ، و الباقي تخليط. قاله ابن نوح.

فصرّح بأنّ كتابه النوادر أقرب كتبه للحقّ والباقي تخليط، في حين أنّه وصفه أوّلاً بالكذّاب، ممّا يكشف عن كون مراده بالكذب معناه اللغوي لا المتبادر هذا اليوم، وإلّا لم يصفها بأنّها تخليط مع قرب أحدها للحقّ.

۸ ـ الملفت للنظر أنّ الراوي لكتب بعض هؤلاء الكذّابين هم من الوجوه العلمية المرموقة والأجلّاء، فطريق النجاشي لكتاب سهل بن زياد هو:

أخبرناه محمّد بن محمّد قال: حدّثنا جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد. و رواه عنه جماعة.

وللشيخ الطوسي إليه طريقان، هما:

أخبرنا ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن سهل. و رواه محمّد بن الحسن بن الوليد، عن سعد و الحميري، عن أحمد بن أبي عبد اللّٰه، عن سهل بن زياد.۱

وفیهما عدد من الأجلّاء کما اوضحناه سابقاً.

كما نجد في طريق النجاشي إلی كتاب طاهر بن حاتم بن ماهويه القزويني عدداً من الأجلّاء، حيث ذكر النجاشي طريقه إلی كتابه قائلاً: «حدّثنا خالي الحسين بن الحسن و ابن الوليد، عن الحميري، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن طاهر»، فابن الوليد والحميري من الأجلّاء كما تقدّم، والراوي الأصلي لكتاب طاهر هومحمّد بن عيسی بن عبيد، وهو من الأجلّاء۲ أيضاً. فلو كان كذّاباً بالمعنی المتبادر منه هذا اليوم لما روی عنه كتابه؛ لأنّه ينافي جلالته.

ویأتي الکلام نفسه في أبي سمينة المشهور بالكذب في الكوفة، والذي يروي كتابه

1.. فهرست الطوسي: ص۲۲۸ الرقم۳۳۹.

2.. كتب النجاشي في حقّه: «محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى، مولى أسد بن خزيمة، أبو جعفر جليل في (من) أصحابنا، ثقة عين، كثير الرواية، «حسن التصانيف» (رجال النجاشي: ص۳۳۳ الترجمة ۸۹۶).

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19642
صفحه از 348
پرینت  ارسال به