وَ أُولٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ)۱، فإنّه تعالی علّل كونهم من الفاسقين لعدم إتيانهم بأربعة شهداء، لا إخبارهم بما يخالف الواقع، فلو كان الرامي رأی بعينه وسمع بأُذنيه، فلو أخبر بذلك من دون زيادة ونقصان فهو فاسق ويجب جلده ولا تقبل شهادته أبداً؛ لأنّه ليس له أن يخبر بذلك ما لم يتوفّر لديه أربعة شهداء.
ونستخلص من الآيتين أنّ المخبر إذا لم يكن مرخّصاً في الإخبار فإخباره يكون كذباً، وهو كاذب عند اللّٰه، حتّی لو كان ما أخبر به عين متن الواقع. وعلی ضوء ذلك يمكن أن يقال: إنّ من أخبر بحديث سمعه من الإمام علیه السلام يكون كاذباً فيما إذا كان هذا الإخبار مخالفاً للموازين المقرّرة عندهم علیهم السلام، ولذلك ورد في من أذاع أسرار أهل البيت علیهم السلام أنّه كذب عليهم؛ لأجل أنّ في هذا الإخبار مفسدة من حيث عدم تحمّل السامعين، ممّا يسبّب الوقوع في المخاطر الاعتقادية لدی السامع، أو يسبّب تحريض الطغاة علی إمحاء معالم أهل البيت علیهم السلام، فيكون المذیع بذلك هو المسبّب لهذه المخاطر، فهو كمن قاتلهم عمداً.۲
ثمّ ذكر أنّ الأئمّة علیهم السلام نسبوا الكذب لبعض الرواة لاسيما المتّهمين بالغلوّ، وليس منها الكذب المصطلح ـ بمعنی الإخبار بخلاف الواقع ـ بل لها معانٍ اُخری۳، وذكر ستّة معانٍ للكذب مدعومة بالشواهد الروائية، إليك عناوينها، ومن أراد التفصيل فعليه مراجعة المصدر:
الأوّل: إذاعة الأسرار و إفشاؤها.۴
الثاني: وضع حدود لأشياء سمعت حقيقة.۵
الثالث: تطبيق المعنی علی غير مصداقه.۶
الرابع: إسناد الاستنتاجات والاحتجاجات التفصيلية إليهم علیهم السلام مع كونها منطلقة من قواعدهم الكلّية.۷
الخامس: الكذب المخبري.۸
1.. النور: ۴.
2.. الغلوّ والفرق الباطنية: ص۱۵۲.
3.. المصدر السابق: ص۱۵۵.
4.. اُنظر: المصدر السابق: ص۱۵۵ ـ ۱۶۰.
5.. اُنظر: المصدر السابق: ص۱۶۰ ـ ۱۶۱.
6.. اُنظر: المصدر السابق: ص۱۶۱.
7.. اُنظر: المصدر السابق: ص۱۶۱ ـ ۱۶۲.
8.. اُنظر: المصدر السابق: ص۱۶۲.