45
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

شامل للعقائد والأقوال والأفعال، فردية كانت أو اجتماعية. وهو مستعمل بهذا المعنی في القرآن و الحديث أيضاً.

وأمّا في اصطلاح الفقهاء والمتكلّمين فهو الاعتقاد باُلوهية أمير المؤمنين أو أحد أولاده الطاهرين علیهم السلام.

وأمّا في كتب الرجال فهو مستعمل بمعانٍ عديدة، منها: الغلوّ العقيدي، والغلو العملي الذي قد يلازم ترك الواجبات و إتيان المحرّمات، والغلوّ العملي الذي لا يلازم ترك الواجبات و إتيان المحرّمات. والذي يبدو من القرائن أنّ الغلوّ المنسوب لسهل بن زياد هو من النوع الأخير، لا الغلوّ العقيدي ولا الغلوّ السلوكي الذي يلازم ترك الواجبات وفعل المحرّمات.

تتمّة

قد يقال: إنّ المحمّدين الثلاثة لم يرووا من روايات سهل ما كان فيه رائحة الغلوّ، فعدم وجود ما يدلّ علی غلوّه فيها لا ينفي غلوّه. ولأجل دفع هذا التوهّم تتبّعنا روايات سهل في بصائر الدرجات باعتباره من مظانّ روايات الغلوّ، فعثرنا علی عنوان «سهل بن زياد» في أربع روايات من مجموع رواياته التي تنيف علی ۱۸۰۰ رواية، وهو عدد ضئيل دون شكّ، ننقلها إليك فيما يلي وندرسها الواحدة تلو الأُخری لنری مدی دلالتها علی الغلوّ:

الرواية الاُولی:

حَدَّثَنَا محمّد بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ النَّهْدِيِّ، عَنِ الْحَرْثِ، قَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْعَاقُولِ، فَإِذَا هُوَ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ قَدْ وَقَعَ لِحَاؤُهَا وَ بَقِيَ عَمُودُهَا، فَضَرَبَهَا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: ارْجِعِي بِإِذْنِ اللهِ خَضْرَاءَ مُثْمِرَةً؛ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ بِأَغْصَانِهَا حَمْلَهَا الْكُمَّثْرَى، فَقَطَعْنَا وَ أَكَلْنَا وَ حَمَلْنَا مَعَنَا. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَوْنَا فَإِذَا نَحْنُ بِهَا خَضْرَاءَ فِيهَا الْكُمَّثْرَى.۱

1.. بصائر الدرجات: ص ۲۵۴ ح ۳.


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
44

وما رواه هو في ذمّ الغلاة وكفرهم، ففي الكشّي: بإسناده عن سعد بن عبد اللّه، قال: حدّثني سهل بن زياد الآدمي، عن محمّد بن عيسى، قال: كتب إليَّ أبو الحسن العسكري علیه السلام ابتداءً منه: «لعن اللّٰه القاسم اليقطيني، ولعن عليّ بن حسكة القمّي، شيطاناً ترائى للقاسم فيوحي إليه زخرف القول غروراً» (ثمّ نقل رواية ذكرها الكشّي في ترجمة عليّ بن حسكة أيضاً).

ز ـ إنّ الذي يظهر من تتبّع الأخبار خصوصاً ما ورد في تراجم الغلاة، وما ذكروه في مقالات أرباب المذاهب، وصريح التوقيع المتقدّم، أنّ الغلاة لا يرون تكليفاً، ولا يعتقدون عبادة، بل ولا حلالاً، ولا حراماً، وقد مرّ في ترجمة محمّد بن سنان أنّه لمّا سأل الحسين بن أحمد عن أحمد بن هليل الكرخي:«أخبرني عمّا يقال في محمّد بن سنان من أمر الغلوّ، قال: معاذ اللّٰه هو واللّٰه علّمني الطهور، وحبس العيال، وكان متقشّفاً متعبّداً». فيظهر منه: أنّه لا يجتمع الغلوّ والعبادة وتعليمها، وإذا راجعت الكافي والتهذيب تجد ل‍«سهل» من أوّل كتاب الطهارة إلى كتاب الديات في أكثر الأبواب خبراً أو أزيد فيما يتعلّق بأحكام الدين أكثرها سديدة مقبولة، وأخذها المشايخ عنه، وضبطوها في الجوامع مثل الكافي الذي ذكر في أوّله ما ذكر، ومع ذلك كلّه كيف يجوز نسبة الغلوّ إليه؟!

واستمرّ المحدّث النوري في الجواب قائلاً:

وثانياً: أنّ أحمد لو كان مصيباً في قوله وفعله وكان سهل غالياً كاذباً، كيف خفي حاله على أجلّاء هذه الطبقة ؟ ولِم لم يقلّدوه في رأيه ولم يصوّبوه في عمله؟ فتراهم يروون عنه بقم والريّ كما عرفت من روى عنه بلا واسطة، وروى عنه معها أيضاً جماعة....

وثالثاً: أنّ الغلوّ الذي دعا أحمد إلى نفيه وإليه يرجع الكذب ـ فإنّ الغالي عندهم كاذب مطلقاً ـ إن كان هو الغلوّ المعروف الذي يكفر صاحبه، يخرج به عن ملّة الإسلام، وهو القول باُلوهية أمير المؤمنين علیه السلام أو أحد من الأئمّة علیهم السلام كما نصّ عليه في المسالك... لا ما اصطلح عليه بعضهم من تجاوز الحدّ الذي هم عليه صلوات اللّٰه عليهم، ومن هذا القبيل ما يطعن القمّيون في الرجل كثيراً ويرمونه بالغلوّ....

حصيلة البحث

الذي ننتهي إليه من مجموع ما تقدّم هو أنّ الغلوّ في اللغة يعني الارتفاع ومجاوزة القدر، وهو

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19497
صفحه از 348
پرینت  ارسال به