43
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

وحقیقة کون الأئمة علیهم السلام عباداً للّٰه تعالی مکرمین.۱

کما ذکر المحدّث النوري عدداً من القرائن الدالّة على أنّ المراد بالغلوّ ليس هو الغلوّ العقيدي هي كالتالي:

أ ـ ما في النجاشي: أنّ له كتاب التوحيد... وظاهر لكلّ ذي درية أنّه وضع لذكر ما ورد لإثبات وجوده تعالى وصفاته وأفعاله وما يتعلّق بذلك ممّا يذكر في أبواب التوحيد، ويظهر من كتاب توحيد الكافي وكتاب التوحيد للصدوق جملة من أخبار كتابه الدالّة صريحاً على كونه كسائر الموحّدين المؤمنين. وبالجملة، تأليف مثل هذا الكتاب لا يكون إلّا ممّن يعتقد إلهاً كإله المسلمين.

ب ـ إنّه كان في الريّ، وقد روى عنه جماعة من أهلها وغيرها، وفيهم خال الكليني ثقة الإسلام أبو الحسن عليّ بن محمّد المعروف بعلّان، الذي يروي الكليني بتوسّطه عن سهل ما لا يحصى، ولا يعقل عادة أن تكون حاله مستورة عنه، فلو عرف غلوّه هو أو غيره ما كانوا ليرووا عنه، وما كان الكليني ليروي عنه، كغيره من الغلاة المعروفين في هذه الطبقة وقبلها، الذين لم يرووا عنهم أصحابنا ـ خصوصاً الأجلاّء منهم ـ حديثاً واحداً، مثل: فارس بن حاتم، والقاسم اليقطيني، وعليّ بن حسكة وأضرابهم.

ج ـ إنّه كان في عصر ثلاثة من الأئمّة علیهم السلام، بل أدرك الغيبة كما يظهر من الحضيني، وقد ورد عنهم: في حقّ الغلاة المعروفين من اللعن والبراءة، والأمر بهما أحاديث كثيرة، فلو كان سهل منهم - وهو من المعروفين المؤلّفين وشيخ جماعة من أجلّاء الرواة والمحدّثين ـ لورد فيه ما ورد فيهم، ولأمروا بالبراءة منه واللعنة عليه.

د ـ ما تقدّم من المكاتبة الصحيحة سؤالاً وجواباً.

ه‍‍‍ ـ جملة ممّا رواه ممّا يدلّ على كونه من الموحّدين الذين يعتقدون بإمامة الأئمّة الطاهرين علیهم السلام (وذكر طائفة من رواياته التي رواها الصدوق في التوحيد، والكليني في الكافي، والخزّاز في كفاية الأثر وغيرهم، ثمّ قال:) إلى غير ذلك ممّا يوجب نقله الخروج عن وضع الكتاب، وكلّها دالّة على كونه كسائر الإماميّة العارفة باللّٰه وبرسوله وبالحجج علیهم السلام كغيره من الأجلاّء،وأنّى للغالي ـ بالمعنى المتقدّم ـ رواية هذه الأخبار النافية لمعتقده المخالفة لرأيه ومذهبه.

1.. تنقیح المقال: ج۳۴ ص۱۸۷.


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
42

فلو كان غلوّه عقيديّاً لبرز في شيء من رواياته الواردة في اُصول الكافي، مع أنّها لا تشتمل علی مضامين توهم الغلوّ العقيدي علی ما راجعناه. وإن كان بمعنى عدم المبالاة بالواجبات فإنّ رواياته في الف‍روع تنيف على الألف، وهو غير منسجم مع عدم مبالاته بالواجبات.

علماً أنّ الغلوّ العقائدي له اُفق واسع، ولاينحصر في معنى واضح الحدود؛ حيث نرى العقيدة الواحدة حقّاً عند بعض باطلة عند آخرين، بل هي من مصاديق الغلوّ۱، فما هو المعيار في كون الرجل غالياً؟ خاصّة في بعض المجالات التي تختلف فيها مدرسة قم عن مدرسة بغداد؛ إذ أنّ المتّهم له بالغلوّ هو من مشايخ قم المعروفين، فإن تنزّلنا وقلنا: إنّ المراد بالغلوّ هو الغلوّ العقيدي، فهذه النسبة هي من قبل بعض القمّيين، مع أنّه ممّا اختلفت في تعيين مصاديقه مدرستا قم و بغداد.

هذا وقد ذكر الشیخ المامقاني رحمه الله شاهداً آخر لعدم کون المراد بالغلوّ معناه المعاصر فقال:

ویشهد لما ذکرناه هنا روایة الرجل أخباراً کثیرة غایة الکثرة في مذمّة الغلاة والغلوّ

1.. قال الشيخ الصدوق قدس سره: «إِنَّ الغُلاةَ وَ الْمُفَوِّضَةَ لَعَنَهُمُ الله يُنْكِرُونَ سَهْوَ النَّبِيِّ صلی الله علیه و اله وَ يَقُولُونَ: لَوْ جَازَ أَنْ يَسْهُوَ علیه السلام فِي الصَّلاةِ لَجَازَ أَنْ يَسْهُوَ فِي التَّبْلِيغِ؛ لأَنَّ الصَّلاةَ عَلَيْهِ فَرِيضَةٌ كَمَا أَنَّ التَّبْلِيغَ عَلَيْهِ فَرِيضَةٌ... وَ كَانَ شَيْخُنَا محمّد بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ رَحِمَهُ الله يَقُولُ: أَوَّلُ دَرَجَةٍ فِي الْغُلُوِّ نَفْيُ السَّهْوِ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و اله... وَ أَنا أَحْتَسِبُ الأَجْرَ فِي تَصْنِيفِ كِتابٍ مُنْفَرِدٍ فِي إِثْبَاتِ سَهْوِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و اله وَ الرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِيهِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى» (من لا يحضره الفقيه: ج۱ ص۳۵۹).

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19714
صفحه از 348
پرینت  ارسال به