خارجاً عن محور بحثهم، ولهذا لا يقصدونه من إطلاق هذا اللفظ.
وكذلك الحال في كتب العقائد والكلام، فإن موضوع البحث فيها هو العقائد الحقّة والباطلة، فلا شأن لهم بغير المجال العقيدي؛ ولهذا لو أطلق علماء العقائد والكلام هذا اللفظ أرادوا به من يعتقد اُلوهية أمير المؤمنين أو أحد أولاده علیهم السلام أو نظير ذلك من العقائد الفاسدة، لا المغالي بمعناه اللغوي.
وبناءً علی ذلك، فلو أُطلق عنوان المغالي في كتب الفقه والعقائد فالمراد به المغالون عقيديّاً لا غير، ولكثرة التعاطي مع الكتب المذكورة والاُنس بها صار المعنی المذكور هو المتبادر من هذه اللفظة عند المتشرّعة ـ في عصرنا الحاضر ـ من بين معاني الغلوّ، حتّی صار وكأنّه المعنى الحقيقي والوحيد لهذا اللفظ، مع أنّ المعنی اللغوي أوسع من ذلك، واستعماله القرآني والحديثي مطابق للمعنی اللغوي وأوسع من المعنی المستعمل في الفقه و العقائد.
والسؤال المطروح هو: ما المراد من الغلوّ المنسوب لسهل بن زياد، هل هو معناه اللغوي أم الفقهي والكلامي ؟
قبل الإجابة علی هذا السؤال علينا أن نوضح ما يمكن تصوّره من معاني الغلوّ في العصر السابق، ثمّ اختيار المعنی المناسب منها وفق القرائن، فنقول:
الغلوّ في العصر السابق على ثلاثة أقسام۱، هي:
۱. الغلوّ العقيدي: وهو رفع أهل البيت علیهم السلام فوق شأنهم، أو رفعهم إلی مستوی الربوبية.
۲. الغلوّ السلوكي والعملي: والمراد به الإفراط في المجال السلوكي والعملي؛ إذ تقدّم أنّ الغلوّ هو الإفراط ومجاوزة الحدّ، فإذا كان هذا الإفراط في مجال السلوك وعلى المستوى العملي كان غلوّاً سلوكيّاً، وبذلك تخرج أفعال الإنسان عن جادّة الصواب.
وهذا الغلوّ له مظاهر مختلفة في الحياة، كالافراط في تهذيب الأولاد باستقصاء كلّ شاردة وواردة، والإفراط في الطهارة والنجاسة، والإفراط في طلب المال، وهكذا. فالاعتدال