(قُلْ يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ ٱلسَّبِيلِ).۱
(يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى ٱللَّهِ إلّا ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَامِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ٱنتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلْأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلاً).۲
فاستعملت هذه المفردة في الآية الاُولى بمعنی التشدّد في الدين ومجاوزة الحدّ فيه۳، بينما استعملت في الآية الثانية بمعنی الإفراط العقيدي، حيث أفرط البعض في المسيح علیه السلام فوضعه موضعاً فوق قدره. وعليه فالغلوّ المستخدم في القرآن لا يخصّ الغلوّ العقيدي وإنّما يشمل الغلوّ الأفعالي أيضاً.
ج ـ الغلوّ في الروايات
استخدمت الروايات هذه المفردة ـ تبعاً للقرآن ـ بمعناها اللغوي، فاستعملت تارة بمعنی تجاوز الحدّ في الأفعال، واُخری بمعنى مجاوزة الحدّ في الاعتقاد بأمير المؤمنين علیه السلام أو الأئمّة من ولده علیهم السلام، فمن الأوّل ما رواه الكليني رحمه الله:
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ علیه السلام قَالَ:
۰.بُنِيَ الْكُفْرُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ الْفِسْقِ وَ الْغُلُوِّ وَ الشَّكِّ وَ الشُّبْهَةِ... (إلى أن قال:) وَ الْغُلُوُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى التَّعَمُّقِ بِالرَّأْيِ وَ التَّنَازُعِ فِيهِ وَ الزَّيْغِ وَ الشِّقَاقِ....۴
حدّثنا محمّد بْنُ الْقَاسِمِ الْأَسْتَرْآبَادِيُّ الْمُفَسِّرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ محمّد بْنِ زِيَادٍ وَ