31
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

عَلِيُّ بْنُ محمّد بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبَوَيْهِمَا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ محمّد بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ محمّد بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام‏ فِي قَوْلِهِ: (اهْدِنَا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ)، قَالَ:

۰.أَدِمْ لَنَا تَوْفِيقَكَ الَّذِي بِهِ أَطَعْنَاكَ فِي مَاضِي أَيَّامِنَا؛ حَتَّى نُطِيعَكَ كَذَلِكَ فِي مُسْتَقْبَلِ أَعْمَارِنَا، وَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ صِرَاطَانِ: صِرَاطٌ فِي الدُّنْيَا وَ صِرَاطٌ فِي الآخِرَةِ، وَ أَمَّا الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ مَا قَصُرَ عَنِ الْغُلُوِّ وَارْتَفَعَ عَنِ التَّقْصِيرِ وَاسْتَقَامَ، فَلَمْ يَعْدِلْ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْبَاطِلِ....۱

ومن الثاني ما رواه ابن شعبة الحرّاني عن أميرالمؤمنين علیه السلام:

۰.إِيَّاكُمْ وَ الْغُلُوَّ فِينَا، قُولُوا: إِنَّا عِبَادٌ مَرْبُوبُونَ وَ قُولُوا فِي فَضْلِنَا مَا شِئْتُمْ، مَنْ أَحَبَّنَا فَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِنَا وَ يَسْتَعِنْ بِالْوَرَعِ؛ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَة.۲

هذا، وقد أشار آية اللّٰه الشيخ محمّد السند إلی بعض الروايات التي استعملت الغلوّ بغير معناه الاصطلاحي.۳

د ـ الغلوّ في کتب الفقه والعقائد

تعرّض الفقهاء للغلاة في كتبهم الفقهية، لكن لمّا كان الجانب الذي ينال اهتمامهم هو تحديد الأحكام الشرعية، بما فيها طهارة ونجاسة الكفّار والمنحرفين عقيديّاً، فمرادهم بالغلاة هو من يعتقد ربوبية أحد المخلوقين كأمير المؤمنين علیه السلام۴، باعتبار تأثيره علی طهارته ونجاسته، وأمّا المفرط في الجوانب الأُخری فلا تأثير له علی الطهارة والنجاسة، فيكون

1.. معاني الأخبار: ص۳۳ ح۴.

2.. تحف العقول: ص۱۰۴.

3.. راجع: الغلوّ والفرق الباطنية: ص۱۶۶ ـ ۱۸۲.

4.. كتب الشهيد الثاني في شرح قوله «ومن عدا الخوارج والغلاة» قائلاً: «المراد بالخوارج أهل النهروان ومن دان بمقالتهم ولجمعهم بغض عليّ علیه السلام، وبالغلاة من اعتقد إلهية عليّ علیه السلام أو أحد الأئمّة علیهم السلام» (مسالك الأفهام: ج۱ ص۲). وفي جواهر الكلام: «الغلاة: جمع غال، وهو من اعتقد إلهية أحد من الناس كما في الروض، والمعروف من ذلك من اعتقد إلهية عليّ علیه السلام» (جواهر الكلام: ج۴ ص۸۰).


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
30

(قُلْ يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ ٱلسَّبِيلِ).۱

(يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى ٱللَّهِ إلّا ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَامِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ٱنتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلْأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلاً).۲

فاستعملت هذه المفردة في الآية الاُولى بمعنی التشدّد في الدين ومجاوزة الحدّ فيه۳، بينما استعملت في الآية الثانية بمعنی الإفراط العقيدي، حيث أفرط البعض في المسيح علیه السلام فوضعه موضعاً فوق قدره. وعليه فالغلوّ المستخدم في القرآن لا يخصّ الغلوّ العقيدي وإنّما يشمل الغلوّ الأفعالي أيضاً.

ج ـ الغلوّ في الروايات

استخدمت الروايات هذه المفردة ـ تبعاً للقرآن ـ بمعناها اللغوي، فاستعملت تارة بمعنی تجاوز الحدّ في الأفعال، واُخری بمعنى مجاوزة الحدّ في الاعتقاد بأمير المؤمنين علیه السلام أو الأئمّة من ولده علیهم السلام، فمن الأوّل ما رواه الكليني رحمه الله:

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ علیه السلام قَالَ:

۰.بُنِيَ الْكُفْرُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ الْفِسْقِ وَ الْغُلُوِّ وَ الشَّكِّ وَ الشُّبْهَةِ... (إلى أن قال:) وَ الْغُلُوُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى التَّعَمُّقِ بِالرَّأْيِ وَ التَّنَازُعِ فِيهِ وَ الزَّيْغِ وَ الشِّقَاقِ....۴

حدّثنا محمّد بْنُ الْقَاسِمِ الْأَسْتَرْآبَادِيُّ الْمُفَسِّرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ محمّد بْنِ زِيَادٍ وَ

1.. المائدة: ۷۷.

2.. النساء: ۱۷۱.

3.. كتب الزبيدي: «في المِصْباح: غَلاَ في الدِّيْن غُلُوًّا: تَشَدَّدَ وتَصَلَّبَ حتّى جَاوَزَ الحَدَّ. ومنه قولُه تعالى: (لا تَغْلُوا في دِينِكُم غَيْر الحَقِّ). وقالَ ابنُ الأَثِيرِ: الغُلُوُّ في الدِّين: البَحْثُ عن بَواطِنِ الأَشياءِ، والكَشْفِ عن عِلَلِها وغَوامِضِ مُتَعبَّداتِها» (تاج العروس: ج۲۰ ص۲۳ غلو).

4.. الكافي: ج۲ ص۳۹۱ ح۱ باب دعائم الكفر و شعبه.

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19520
صفحه از 348
پرینت  ارسال به