غَلا السعرُ يَغْلُو غَلاءً ممدود، و غَلا الناس في الأمر: أي جاوزوا حدّه، كَغُلُوِّ اليهود في دينها. و يقال: أَغْلَيْتُ الشيء في الشراء، و غَالَيْتُ به.... و تَغَالَى النبتُ، أي ارتفع، و تمادى في الطول.۱
وكتب ابن دريد (المتوفّی ۳۲۱ه) في بيان هذه المفردة قائلاً:
الغُلُوّ: الارتفاع في الشيء و مجاوزة الحدّ فيه، و منه قوله جلّ و عزّ: (لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ)؛ أي لا تجاوزوا المقدار.۲
وكتب الجوهري (المتوفّی ۳۹۳ه):
غَلَا في الأمر يَغْلُو غُلُوًّا: أي جاوزَ فيه الحدّ. و غَلَا السعر غَلَاءً. و أغْلَى اللَّه السعر. و غَلَوْتُ بالسهم غَلْواً: إذا رميتَ به أبعدَ ما تقدر عليه. و الغَلْوَةُ: الغاية مِقدار رميةٍ. و في المثل: «جَرْى المُذَكِّيَاتِ غِلَاءٌ».۳
وجميع المعاني المذكورة ترجع إلی الارتفاع ومجاوزة الحدّ والإفراط في الشيء، ولهذا كتب ابن فارس في بيان المعنی الأصلي لهذا الجذر قائلاً:
الغين و اللام و الحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ في الأمر، يدلُّ على ارتفاع و مجاوزةِ قَدْر. يقال: غَلا السِّعر يغلو غَلاءً، و ذلك ارتفاعُه. و غَلا الرَّجلُ في الأمر غُلُوَّا، إذا جاوَزَ حدَّه. و غَلا بسَهْمِه غَلْواً، إذا رَمَى به سَهْماً أقصى غايتِه.۴
ومن الواضح من الاستعمالات المذكورة أنّ الإفراط والغلوّ يمكن أن ينال جوانب مختلفة، بعضها إرادي وبعضها غير إرادي؛ فنجد إطلاقه علی المغالاة في السهم وهو أمر إرادي، كما يستعمل في الإفراط في الطول وهو غير إرادي. كما أنّه قد ينال الجانب المادّي من الحياة كغلو الأسعار، وقد ينال الجانب الفكري والعقيدي كغلوّ اليهود في دينهم.
ب ـ الغلوّ في القرآن الكريم
إذا راجعنا الجذر «غلو» في القرآن الكريم وجدنا استعماله في الآيتين التاليتين فقط: