27
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

ومنها: ضعيف في الحديث، وهو لا يوجب الضعف في نفسه، قال مولانا البهبهاني: والحكم بالقدح به أضعف منه، كما يأتي في سهل بن زياد، وقال جدّي: الغالب في إطلاقاتهم ذلك أنّه يروي عن كلّ أحد.۱

وبه يتضّح أنّ «الضعيف في الحديث» غير «الضعيف»، فالضعف في الحديث يجتمع مع وثاقة الراوي بل وجلالته أيضاً، بخلاف الضعيف.

ولإيضاح ذلك نأتي بالمثال التالي: إذا قال أحد العلماء بوثاقة كلّ من ورد اسمه في كتاب معيّن؛ كتفسير عليّ بن إبراهيم القمّي، وثبت عندنا علميّاً فساد هذا المبنى، فهذا هوالضعف في المباني الحديثية، وهذا النوع من الضعف لا يعني عدم وثاقة هذا العالم، بل هو يجتمع مع وثاقته أيضاً.۲

فالذي ذكره النجاشي في حقّ سهل بن زياد هو: «ضعيف في الحديث»، لا «ضعيف» على نحو الإطلاق، وهو دالّ على أنّ مبانيه الحديثية ضعيفة؛ كاعتماده علی المراسيل أو علی رواية الضعفاء ـ كما صرّح به في بعض العبارات السابقة۳ واُشير إليه في بعض آخر۴ ـ لا أنّه في نفسه ضعيف، كما هو مقتضی اختلاف التعبير.

وبه يتّضح تمامیّة ما ذكره المحدّث النوري في التعليق على الوجه الأوّل، حيث أجاب عنه بما يلي:

أمّا قول النجاشي فلا ينافي الوثاقة ولا يعارض توثيق رجال الشيخ، فإنّ المراد من الضعف في الحديثِ الروايةُ عن الضعفاء والمجاهيل والاعتماد على المراسيل، وهي غير قادحة في العدالة، كما فعل العلّامة وجمهور الفقهاء في محمّد بن خالد

1.. طرائف المقال: ج۲ ص۲۶۹. ولمزيد الاطّلاع راجع أيضاً: الفوائد الرجالية: ج۱ ص۳۴۶ - ۳۴۷، ذخيرة المعاد (ط.ق): ج۱ ق ۱ ص۳۹.

2.. نجد هذا المعنى في حياتنا الاجتماعية أيضاً، فنقول عن بعض الشخصيات الاجتماعية أو العلمية: إنّه ضعيف في المسائل والتحليلات السياسية، والذي نريده هو بيان ضعفه في هذا الجانب دون أن نمسّ الجوانب الاُخرى من شخصيته. ولهذا فإنّ العرف لا يعدّ أمثال هذه التعابير من الانتقاص والطعن في شخصيته من الجوانب الاُخرى كالجانب العلمي أو الاجتماعي.

3.. أعني قول الوحید البهبهاني: «الظاهر أنّه إشارة إلى روايته عن الضعفاء والمراسيل».

4.. أعني قول السیّد البروجردي: «الغالب في إطلاقاتهم ذلك أنّه يروي عن كلّ أحد».


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
26

۱۹ ـ ضُعّف بعض التضعيف.

۲۰ ـ ضعيف، لكن له كتاب حسن.۱

فهذه عشرون تعبيراً یشتمل کلّ منها علی کلمة «ضعیف»، بعضها ناظر لأوصاف الراوي نفسه، وبعضها ناظر للراوي من نواحي اُخرى ـ كعقيدته ومذهبه ومبانيه الحديثية ـ، وبعضها ناظر لرواياته. علماً أنّ التعابير الدالّة على مضمون واحد قد تتعدّد بسبب اختلاف المراتب شدّة وضعفاً.

والملفت للنظر أنّه عبّر بقول «ضعيف» تارةً، وب«ضعيف فاسد الرواية» تارةً اُخرى، وهذا ما يكشف عن أنّ الراوي قد يكون ضعيفاً لكنّه مقبول الرواية، وإلّا فلا معنى للقيد «فاسد الرواية». ويشهد لذلك أنّه صرّح في موضعين من كتابه بضعف الراوي، لكنّه وصف كتابه بأنّه حسن۲، ممّا يكشف عن عدم تلازم الأمرين المذكورين.

وفي المقام وصف النجاشي سهلاً بقوله: «ضعيف في الحديث»، ولم يصفه بالضعف مطلقاً، فهل المراد به نفس المراد من قولهم: «ضعيف»، أم أنّهما متفاوتان؟

الجواب: لا ريب في اختلاف المراد من هذه التعابير، وإلّا لم يعبّروا بهذه التعابير المختلفة، بل اكتفوا بقولهم: «ضعيف»، و «ضعيف جدّاً». أو فقل: إنّ تعدّد الاصطلاح كاشف عن تعدّد المعاني المقصودة؛ ولهذا صرّح عدد من علمائنا باختلاف المقصود منهما، فقال الوحيد البهبهاني في تعليقته على منهج المقال:

قوله في محمّد بن خالد بن عبد الرحمن: «ضعيف» اه، لم يقل «ضعيف» بل «ضعيف في الحديث» ثمّ مدحه بما مدحه، والظاهر أنّه إشارة إلى روايته عن الضعفاء والمراسيل... وقال صاحب المعالم والمدارك والفاضل الخراساني أيضاً: أنّ هذا لا يقدح في نفس الرجل؛ لأنّ المراد به يروي عن الضعفاء.۳

وقال السيّد عليّ البروجردي في بيان المراد من التعابير التي ذكروها للطعن:

1.. ونظيره التعبير: «ضعيف، له كتاب نوادر حسن، كثير العلم».

2.. اُنظر: ترجمة «الحسن بن محمّد بن سهل النوبختي» و «الحسن بن راشد الطفاوي» (ج ۱ ص۳۸).

3.. تعليقة على منهج المقال: ص۳۰۶.

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 20183
صفحه از 348
پرینت  ارسال به