مستقلّة في قبال تلك المذكورة. نعم، سنستعرض الأدلّة التي أقامها المتأخّرون لتوثيق سهل بن زياد أو الطعن فيه؛ بهدف تقييمها ومعرفة ما يمكن الاعتماد عليه منها. وقبل استعراض هذه الأدّلة ننبّه على بعض الملاحظات حول ما ذكرناه من الأقوال:
بعض الملاحظات حول الأقوال المذکورة
إذا ما ألقينا نظرة على الأقوال المشار إليها آنفاً تَلفِت أنظارَنا بعضُ الملاحظات نعرضها فيما يلي:
۱ ـ اختلف تقييم الشيخ لسهل بن زياد في كتابيه الرجال والفهرست؛ فوثّقه في الرجال بشكل مطلق، وضعّفه في الفهرست بشكل مطلق أيضاً.
۲ ـ إنّ الرواة لكتاب «سهل» هم من الوجوه العلمية المرموقة والأجلّاء؛ فطريق النجاشي لكتاب سهل بن زياد هو: «أخبرناه محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد. و رواه عنه جماعة». وللشيخ الطوسي إليه طريقان، هما: «أخبرنا ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن سهل. و رواه محمّد بن الحسن بن الوليد عن سعد، و الحميري عن أحمد بن أبي عبد اللّٰه، عن سهل بن زياد»۱.
ففي طريق النجاشي عدد من الأجلّاء؛ فمحمّد بن محمّد هو المفيد، وجلالته أبين من الشمس في رابعة النهار، وقد رواه عن جعفر بن محمّد، وهو ابن قولويه القمّي رحمه الله، وهو من الأجلّاء أيضاً ۲، وقد رواه عن محمّد بن يعقوب وهو الكليني رحمه الله، وهو أوثق الناس في الحديث و أثبتهم فيه علی ما صرّح به النجاشي۳، و قد رواه عن عليّ بن محمّد، وهو علّان
1.. فهرست الطوسي: ص۲۲۸ الرقم۳۳۹.
2.. جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قولويه أبو القاسم... و كان أبو القاسم من ثقات أصحابنا و أجلّائهم في الحديث و الفقه، روى عن أبيه و أخيه، عن سعد، و قال: «ما سمعت من سعد إلّا أربعة أحاديث، و عليه قرأ شيخنا أبو عبد الله الفقه، و منه حمل، و كلّ ما يوصف به الناس من جميل و ثقة و فقه فهو فوقه...» (رجال النجاشي: ص۱۲۳ الترجمة ۳۱۸).
3.. قال النجاشي في حقّه: «شيخ أصحابنا في وقته بالريّ و وجههم، و كان أوثق الناس في الحديث و أثبتهم» (رجال النجاشي: ص۳۷۷ الترجمة ۱۰۲۶).