19
دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته

الفصل الأوّل

التقییم الرجالي لسهل

إذا أردنا دراسة شخصیة راوٍ ما فالجانب الأوّل الذي يتمّ تسليط الأضواء عليه هو أقوال علماء الرجال والفهارس في حقّه، وتتضاعف أهمّية هذا الموضوع فيما لو كان الراوي من المكثرين لنقل الروايات، أمثال «سهل بن زياد»؛ وذلك لكثرة الابتلاء برواياته؛ إذ تكرّر اسمه ضمن (۲۵۶۷) سنداً من أسانيد الكتب الأربعة۱، و (۲۵۰۲) من أسانيد وسائل الشيعة.

والذي يضفي أهمّية لذلك أنّ روايات «سهل» لا تخصّ أبواباً معیّنة، بل انتشرت في أبواب كثيرة من الاُصول والفروع، ولذا فإنّ الاحتكاك بها سیکون واسع النطاق، ولا يمكننا عندئذ إغفالها أو غضّ الطرف عنها؛ ولو كان التغاضي عن بضع روايات أمراً سهلاً، فالتغاضي عن عدد كبير منها في غاية الصعوبة، خاصّة إذا فقدنا الرواية المعتبرة في ذلك الموضوع وتلك المسألة.

مضافاً لذلك، فإنّ تنوّع الروايات وشموليّتها لأبواب مختلفة؛ عقيدية وفقهية وأخلاقية وتفسيرية ـ كما هو الحال في روايات سهل بن زياد ـ يجعل منها منهلاً لنيل المعارف الإسلامية في هذه الأبواب، ممّا یحتّم علينا أن ننظر إليها نظرة علمية ونعاملها وفق اُسس مقبولة ومرضية؛ لأنّها ستكون دخيلة في استنباط نظرة الدين في هذه المجالات.

1.. جاء (۱۹۱۸) سنداً منها في الكافي، و (۸) أسانيد منها في من لا يحضره الفقيه، و (۴۸۷) سنداً منها في التهذيب، و (۱۵۴) سنداً منها في الاستبصار.


دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
18

الحديث، ومصادر الحديث. فيتولّی كلّ علم منها دراسة الرواية من جانب معيّن ليتعرّف علی صدورها صحّةً وسقماً. وإن كانت الدراسة الرجالية هي الغالبة في العصر الحاضر، بخلافه في عصر حضور المعصومين علیهم السلام.

الكتاب الحاضر يتناول بالدراسة إحدی الشخصيات الروائية المشهورة وهي «سهل بن زياد»، حيث نجد له الكثير من الروايات في المصادر الحديثية المعتبرة كالكافي والتهذيب من جهة، مع انتشار رواياته في أبواب الفقه والعقائد وغيرها من جهة ثانية، ووقوع الاختلاف بشأن توثيقه و تضعيفه رجالياً من جهة ثالثة، مما يجعل المتعاطي مع رواياته في شيء من الحيرة.

وبتتبّع رواياته وجدنا أنّ له عدداً كبيراً من الروايات في الكتب الأربعة، وبإمعان النظر فيها وجدنا أنّ أغلب رواياته مروية في الكافي، ومن ثمّ رواها عنه الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار، وأما ما سوی ذلك فهو نادر. وأما الشيخ الصدوق فقد روی عنه بضع روايات لا تبلغ عدد الأصابع. من هنا فقد جعلنا محور البحث في هذه الدراسة علی روايات سهل في كتاب الكافي. هذا بالنسبة لنطاق البحث.

وأما بالنسبة لمنهجيتنا في هذه الدراسة فقد تناولنا هذه الشخصية من الجانبين الرجالي والفهرستي معاً، ولم نكتفِ بالدراسة الرجالية البحتة؛ لعدم وفائها بالغرض. ومن خلال تنبيهنا علی بعض النقاط اتّضح سبب اعتماد شيخ المحدّثين محمّد بن يعقوب الكليني علی هذا العدد الكبير من روايات سهل.

وانتهينا خلال هذه الدراسة إلی وثاقة سهل بن زياد من الناحية الرجالية، وإلی الوثوق برواياته من الناحية الفهرستية.

وأخيراً أتقدّم بالشكر الجزيل لسماحة الشيخ الدكتور رحمان ستايش الذي أرفدني بملاحظاته خلال هذه الدراسة، كما أقدّم خالص شكري وتقديري لمركز أبحاث دار الحديث الذي ساندني خلال فترة التأليف وتولّی نشر الكتاب، وأسأل الباري تعالی أن يوفّقهم وجميع العاملين في نشر الحديث والذبّ عنه، وأن يكتبني في ديوان خَدَمة القرآن والحديث إنه سميع مجيب.

حيدر المسجدي

۲۴ شعبان المعظم ۱۴۳۷ه‍

  • نام منبع :
    دراسة في شخصیة سهل بن زیاد و روایاته
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19636
صفحه از 348
پرینت  ارسال به