الحديث، ومصادر الحديث. فيتولّی كلّ علم منها دراسة الرواية من جانب معيّن ليتعرّف علی صدورها صحّةً وسقماً. وإن كانت الدراسة الرجالية هي الغالبة في العصر الحاضر، بخلافه في عصر حضور المعصومين علیهم السلام.
الكتاب الحاضر يتناول بالدراسة إحدی الشخصيات الروائية المشهورة وهي «سهل بن زياد»، حيث نجد له الكثير من الروايات في المصادر الحديثية المعتبرة كالكافي والتهذيب من جهة، مع انتشار رواياته في أبواب الفقه والعقائد وغيرها من جهة ثانية، ووقوع الاختلاف بشأن توثيقه و تضعيفه رجالياً من جهة ثالثة، مما يجعل المتعاطي مع رواياته في شيء من الحيرة.
وبتتبّع رواياته وجدنا أنّ له عدداً كبيراً من الروايات في الكتب الأربعة، وبإمعان النظر فيها وجدنا أنّ أغلب رواياته مروية في الكافي، ومن ثمّ رواها عنه الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار، وأما ما سوی ذلك فهو نادر. وأما الشيخ الصدوق فقد روی عنه بضع روايات لا تبلغ عدد الأصابع. من هنا فقد جعلنا محور البحث في هذه الدراسة علی روايات سهل في كتاب الكافي. هذا بالنسبة لنطاق البحث.
وأما بالنسبة لمنهجيتنا في هذه الدراسة فقد تناولنا هذه الشخصية من الجانبين الرجالي والفهرستي معاً، ولم نكتفِ بالدراسة الرجالية البحتة؛ لعدم وفائها بالغرض. ومن خلال تنبيهنا علی بعض النقاط اتّضح سبب اعتماد شيخ المحدّثين محمّد بن يعقوب الكليني علی هذا العدد الكبير من روايات سهل.
وانتهينا خلال هذه الدراسة إلی وثاقة سهل بن زياد من الناحية الرجالية، وإلی الوثوق برواياته من الناحية الفهرستية.
وأخيراً أتقدّم بالشكر الجزيل لسماحة الشيخ الدكتور رحمان ستايش الذي أرفدني بملاحظاته خلال هذه الدراسة، كما أقدّم خالص شكري وتقديري لمركز أبحاث دار الحديث الذي ساندني خلال فترة التأليف وتولّی نشر الكتاب، وأسأل الباري تعالی أن يوفّقهم وجميع العاملين في نشر الحديث والذبّ عنه، وأن يكتبني في ديوان خَدَمة القرآن والحديث إنه سميع مجيب.
حيدر المسجدي
۲۴ شعبان المعظم ۱۴۳۷ه