9
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

القرآن الكريم العبادة «الصراط المستقيم إلى اللَّه»، حيث يقول:
«وَ أَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ» .۱

إنّ هذه الآية تكشف بوضوح حقيقة أنّ العبادة ليست الهدف النهائي، بل هي طريق الحياة المستقيم والصحيح.

والملاحظة الجديرة بالاهتمام أنّ القرآن لا يقول: إنّ العبادة توصل الإنسان إلى طريق الحياة المستقيم، بل إنّ العبادة نفسها الصراط المستقيم، ممّا يعني أنّ عبادة اللَّه تعالى وطاعته وتطبيق تعاليمه في الحياة هو الطريق الصحيح لتوفير كلّ حاجات الإنسان المادّية والمعنوية.

ذكر اللَّه روح العبادات كلّها

إنّ ذكر اللَّه هو روح العبادات كلّها وجوهرها، وفي الحقيقة إنّ ذكر اللَّه هو سرّ بناء الإنسان لذاته، ومفتاح العروج نحو الكمالات والدرجات الإنسانية، وأفضل رأسمال لتأمين الرفاهين الفردي والاجتماعي، والمادّي والمعنوي، والدنيوي والاُخروي .

إنّ ذكر اللَّه يجلي مرآة القلب - في الخطوة الاُولى من السلوك - من صدأ الأخلاق والأعمال القبيحة، ويُهيّئ - في الخطوة الثانية ومن خلال تنوير القلب - الأرضية لانعكاس المعارف الشهودية فيه وبلوغ الإنسان قمّة اليقين. وبعبارة واحدة: إنّ ذكر اللَّه هو ذكر النفس، ونسيانه نسيان لها .۲

أكثر معطيات ذكر اللَّه شمولية

وعد اللَّه تعالى وعداً قطعياً بذكر من يذكره‏۳ ، وفي الحقيقة إنّ ذكر اللَّه لعبده هو أكثر

1.يس: ۶۱.

2.لمزيد من الاطّلاع على موضوع «ذكر اللَّه» وآثاره وبركاته من وجهة نظر الآيات والروايات راجع: نهج الذكر لمحمّد الريشهري .

3.«فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم» البقرة: ۱۵۲.


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
8

النفس، ونزول الرحمة الإلهيّة .

الصلاة مصباحٌ لأهل السماء، ورجحانٌ لميزان الأعمال، ووسيلةٌ لنيل رضا الخالق.

الصلاة مفتاح بلوغ كلّ الفضائل، وبالصلاة يتحقّق الجهادان الأصغر والأكبر، ويزول القلق من القلب، وتتحوّل السيّئات إلى حسنات.

الصلاة هي الصراط الواضح الذي دلّ أنبياء اللَّه الإنسان عليه من أجل الوصول إلى جنّة الخلد.

وأخيراً، هي قرّة عين الرسول صلى اللّه عليه و آله ، و خاتمة وصاياه، حيث كان يردّد في لحظاته الأخيرة : «الصَّلاةَ الصَّلاةَ الصَّلاةَ»، إلى أن أسلم روحه الطاهرة .۱

دور الصلاة في تكامل الإنسان‏

الخصائص السابقة للصلاة تُظهر بوضوح أنّ لهذه العبادة الدور الأكبر في تكامل الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة. ولبيان ذلك نشير بدايةً إلى دور العبادة في تكامل الإنسان، ثمّ نسلّط الضوء على ما امتازت به الصلاة عن غيرها من العبادات في أداء هذا الدور.

العبادة حكمة خلق الإنسان‏

يرى القرآن الكريم أنّ الهدف من خلق الإنسان هو عبادة اللَّه:
«وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» .۲

ولكن يجب الالتفات إلى أنّ العبادة ليست هي الهدف النهائي من خلق الإنسان بل هي هدف متوسّط ؛ إذ الهدف النهائي سعادته في الدنيا والآخرة، وبلوغه الخلافة الإلهيّة، ولتحقيق هذه الغاية السامية ليس أمامه سوى مسلك العبادة ؛ ولذلك يعتبر

1.راجع : ص ۶۱ (الفصل الثاني : خصائص الصلاة) وص ۸۱ (الفصل الثالث : حكمة الصلاة) .

2.الذاريات: ۵۶.

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8032
صفحه از 523
پرینت  ارسال به