43
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

ومع تعدّد الأقوال في زمن عروج النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلّا أن المسلّم به هو وقوعه في مكّة قبل الهجرة إلى المدينة ،۱ وبناء عليه فإنّ الصلاة وجبت على النبيّ صلى اللّه عليه و آله بشكلها الكامل على أساس الأمر الإلهي في مكّة ذاتها، بل وجبت على المسلمين أيضاً في الوقت نفسه على الأرجح، رغم أنّنا لا نمتلك دليلاً قاطعاً على ذلك.

تشريع الصلوات الخمس‏

يرى ابن شهر آشوب أنّ تشريع أصل الصلاة - وهو ركعتان من دون وقت - حدث في مكّة نفسها، حيث كانت في البدء واجبة على النبيّ فقط وسنّة على الاُمّة، وينقل أنّ وجوبها في قالب الصلوات الخمس شرّع بعد المعراج في السنة التاسعة من البعثة .۲ ومن جهة اُخرى ذكرت رواية معتبرة ينتهي سندها إلى الإمام زين العابدين عليه السلام وجوب الصلاة على المسلمين بشكلها الحالي في المدينة بعد أن قويت شوكة الإسلام . ۳

ورغم أنّ نقل ابن شهر آشوب ليس مستنداً إلى قول المعصوم أو منسوباً لكي يُبحث عن حلّ لتعارضه الابتدائي مع الرواية المنقولة عن الإمام زين العابدين عليه السلام، ولكن يمكن القول: إنّ المراد من كلام ابن شهر آشوب هو أصل تشريع الصلوات الخمس . ووفقاً لتصريح بعض الأحاديث فقد فوّض اللَّه تعالى حقّ التشريع للنبيّ صلى اللّه عليه و آله ، فعيّن النبي، بالتشاور مع جبرئيل خمسة أوقات للصلاة في كلّ يوم وليلة، ثمّ علّمها

1.رغم وجود أكثر من عشرة آراء في زمان وقوع المعراج، إلاّ أنّ أغلب المؤرّخين المسلمين يرون وقوعه في مكّة قبل الهجرة، ولا يتّفقون في سنة حدوثه. وقد روى الباحث المعاصر السيّد جعفر مرتضى العاملي هذه الآراء بنحو موثّق، ويرى أنّ بعض القرائن التاريخية تشهد بوقوع المعراج في السنة الثالثة من البعثة (راجع: الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم: ج ۳ ص ۸ - ۱۴).

2.راجع: ح‏۱۴.

3.راجع: ح‏۱۸.


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
42

ورغم عدم وجود أيّ وثيقة تروي عبادته أو حضوره في كنيسة أو صومعة، إلّا أنّ الإمام عليّاً عليه السلام أخبر بحضوره السنوي المنظّم في غار حراء،۱ومن المحتمل قوياً أنّ هذا الحضور هو نوع من الارتباط الخفيّ مع اللَّه الرحمن، والتفكّر والذكر والعبادة . هذا الارتباط بلغ ذروته قبيل البعثة عندما بلغ النبيّ صلى اللّه عليه و آله السابعة والثلاثين من عمره وهيّأته الرؤية الصادقة وبشارات جبرئيل لتلقّي الوحي وأداء الفرائض الإلهيّة.

وتعلّم النبيّ صلى اللّه عليه و آله في هذا العهد الوضوء والركوع والسجود، استناداً إلى رواية ابن شهرآشوب، وتلقّى في الأربعين من عمره حدود الصلاة تزامناً مع بعثته، وأدّاها منذ ذلك الحين ركعتين دون أن تحدّد بوقت خاصّ‏۲ .

كما تعلّم الصلاة منه صاحباه الوفيّان الإمام عليّ عليه السلام وخديجة الكبرى عليها السلام ، اللذان آمنّا به منذ بداية البعثة وصحباه مراراً - كما تدلّ بعض الروايات - في مكّة أو الوديان والمخابئ في أطرافها لإقامة الصلاة، حتّى رآهم أهل مكّة وغيرهم وذاع خبرهم في المدينة .۳

وتشير بعض أحاديث هذا الباب‏۴ إلى أن النبيّ صلى اللّه عليه و آله تعلّم الصلاة بنحو كامل مع الوضوء خلال عروجه إلى السماء، وهو ما تؤيّده سورة الإسراء - التي نزلت في مكّة وتناولت موضوع المعراج - وبالتحديد الآية ۷۸ المتعلّقة بتشريع أوقات الصلاة.

1.الإمام علي عليه السلام: «لَقَد كانَ يُجاوِرُ في كُلِّ سَنَةٍ بِحِراءَ، فَأَراهُ ولا يَراهُ غَيري» (نهج البلاغة: الخطبة ۱۹۲)، ونقل العلّامة المجلسي عن بعض المصادر أنّ هذا الحضور كان لمدّة شهر في السنة (راجع: بحار الأنوار: ج‏۱۵ ص ۳۶۲).

2.راجع: ح‏۱۱.

3.راجع: المناقب لابن شهر آشوب: ج‏۲ ص ۱۴ ( نقلاً عن تفسير يعقوب بن سفيان).

4.راجع: ح‏۱۴ و۱۵.

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10969
صفحه از 523
پرینت  ارسال به