ورغم عدم وجود أيّ وثيقة تروي عبادته أو حضوره في كنيسة أو صومعة، إلّا أنّ الإمام عليّاً عليه السلام أخبر بحضوره السنوي المنظّم في غار حراء،۱ومن المحتمل قوياً أنّ هذا الحضور هو نوع من الارتباط الخفيّ مع اللَّه الرحمن، والتفكّر والذكر والعبادة . هذا الارتباط بلغ ذروته قبيل البعثة عندما بلغ النبيّ صلى اللّه عليه و آله السابعة والثلاثين من عمره وهيّأته الرؤية الصادقة وبشارات جبرئيل لتلقّي الوحي وأداء الفرائض الإلهيّة.
وتعلّم النبيّ صلى اللّه عليه و آله في هذا العهد الوضوء والركوع والسجود، استناداً إلى رواية ابن شهرآشوب، وتلقّى في الأربعين من عمره حدود الصلاة تزامناً مع بعثته، وأدّاها منذ ذلك الحين ركعتين دون أن تحدّد بوقت خاصّ۲ .
كما تعلّم الصلاة منه صاحباه الوفيّان الإمام عليّ عليه السلام وخديجة الكبرى عليها السلام ، اللذان آمنّا به منذ بداية البعثة وصحباه مراراً - كما تدلّ بعض الروايات - في مكّة أو الوديان والمخابئ في أطرافها لإقامة الصلاة، حتّى رآهم أهل مكّة وغيرهم وذاع خبرهم في المدينة .۳
وتشير بعض أحاديث هذا الباب۴ إلى أن النبيّ صلى اللّه عليه و آله تعلّم الصلاة بنحو كامل مع الوضوء خلال عروجه إلى السماء، وهو ما تؤيّده سورة الإسراء - التي نزلت في مكّة وتناولت موضوع المعراج - وبالتحديد الآية ۷۸ المتعلّقة بتشريع أوقات الصلاة.