الآخِرَةِ ، ورَكعَةً فِي المَغرِبِ لِلمُقيمِ وَالمُسافِرِ .۱
۲۰.الإمام الرضا عليه السلام- فيما جَمَعَهُ الفَضلُ بنُ شاذانَ مِن كَلامِهِ في عِلَلِ الفَرائِضِ - : فَإِن قالَ [قائِلٌ] : فَلِمَ جُعِلَ أصلُ الصَّلاةِ رَكعَتَينِ ، ولِمَ زيدَ عَلى بَعضِها رَكعَةٌ وعَلى بَعضِها رَكعَتانِ ولَم يُزَد عَلى بَعضِها شَيءٌ؟ قيلَ : لِأَنَّ أصلَ الصَّلاةِ إنَّما هِيَ رَكعَةٌ واحِدَةٌ ، لِأَنَّ أصلَ العَدَدِ واحِدٌ ، فَإِن نَقَصَت مِن واحِدَةٍ فَلَيسَت هِيَ صَلاةٌ ، فَعَلِمَ اللَّهُ عزّ و جلّ أنَّ العِبادَ لا يُؤَدّونَ تِلكَ الرَّكعَةَ الواحِدَةَ الَّتي لا صَلاةَ أقَلُّ مِنها بِكَمالِها وتَمامِها وَالإِقبالِ عَلَيها ، فَقَرَنَ إلَيها رَكعَةً اُخرى لِيَتِمَّ بِالثّانِيَةِ ما نَقَصَ مِنَ الاُولى ، فَفَرَضَ اللَّهُ عزّ و جلّ أصلَ الصَّلاةِ رَكعَتَينِ .
ثُمَّ عَلِمَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله أنَّ العِبادَ لا يُؤَدّونَ هاتَينِ الرَّكعَتَينِ بِتَمامِ ما اُمِروا بِهِ وكَمالِهِ ، فَضَمَّ إلَى الظُّهرِ وَالعَصرِ وَالعِشاءِ الآخِرَةِ رَكعَتَينِ رَكعَتَينِ ، لِيَكونَ فيها تَمامُ الرَّكعَتَينِ الأُولَيَينِ ، ثُمَّ عَلِمَ أنَّ صَلاةَ المَغرِبِ يَكونُ شُغُلُ النّاسِ في وَقتِها أكثَرَ ؛ لِلاِنصِرافِ إلَى الإِفطارِ والأَكلِ وَالشُّرب وَالوُضوءِ وَالتَّهيِئَةِ لِلمَبيتِ ، فَزادَ فيها رَكعَةً واحِدَةً لِيَكونَ أخَفَّ عَلَيهِم ، ولِأَن تَصيرَ رَكَعاتُ الصَّلاةِ فِي اليَومِ وَاللَّيلَةِ فَرداً ، ثُمَّ تَرَكَ الغَداةَ عَلى حالِها لِأَنَّ الاِشتِغالَ في وَقتِها أكثَرُ وَالمُبادَرَةَ إلَى الحَوائِجِ فيها أعَمُّ ، ولِأَنَّ القُلوبَ فيها أخلى مِنَ الفِكرِ لِقِلَّةِ مُعامَلاتِ النّاسِ بِاللَّيلِ ولِقِلَّةِ الأَخذِ وَالإِعطاءِ ، فَالإِنسانُ فيها أقبَلُ عَلى صَلاتِهِ مِنهُ في غَيرِها مِنَ الصَّلَواتِ ، لِأَنَّ الفِكرَ أقَلُّ لِعَدَمِ العَمَلِ مِنَ اللَّيلِ ... .
فَإن قالَ : فَلِمَ جُعِلَ صَلاةُ السُّنَّةِ أربَعاً وثَلاثينَ رَكعَةً؟ قيلَ : لِأَنَّ الفَريضَةَ سَبعَ عَشرَةَ رَكعَةً ، فَجُعِلَتِ السُّنَّةُ مِثلَيِ الفَريضَةِ كَمالاً لِلفَريضَةِ .