۳ . إنّ المرض هو السبب في الجمع بين الصلاتين.
وهذا التأويل غير مقبول أيضاً؛ لأنّ بعض الروايات قُيّدت بعبارة «من غير خوف ولاعلّة»، وفي بعض آخر ب «من غير مرض ولا علّة»، وهذا يعني أنّ عمل الرسول صلى اللّه عليه و آله في الجمع بيت الصلاتين لم يتمّ بسبب المرض أو أعذار اُخرى، إضافة إلى أنّ جمع ابن عبّاس لصلاتي المغرب والعشاء من دون أن يكون مريضاً يبطل هذا الادّعاء أيضاً.
كما أنّ تأخير الصلاة لوكان لمرض فالجمع بين الصلاتين جائز للمريض فقط، لا لمن كان سالماً، في حين أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله - كما يعلم من ظاهر الحديث - صلّى مع كلّ الحاضرين جماعة، واحتمال أنّ جميع الصحابة كانوا مرضى في ذلك الوقت بعيد جدّاً، وقد صرّح ابن عبّاس في روايته بهذا الأمر أيضاً. وعلى هذا الأساس نقل الخطّابي في معالم السنن عن ابن منذر أنّه قال:
ولا معنى لحمل الأمر فيه على عذر من الأعذار؛ لأنّ ابن عبّاس قد أخبر بالعلّة فيه، وهو قوله: «أراد أن لا تحرج اُمّته». وحكي عن ابن سيرين أنّه كان لا يرى بأساً أن يجمع بين الصلاتين إذا كانت حاجة أو شيء ما لم يتّخذه عادة .۱
وقال أحمد محمّد شاكر محقّق كتاب سنن الترمذي بعد نقل كلام الخطّابي بأنّ هذا الكلام صحيح ويُستنبط من الحديث، وأمّا حمل عمل الرسول صلى اللّه عليه و آله على وقت المرض أو غيره فقول بلا دليل، وجواز هذا العمل يوجب رفع كثير من المشقّة عمّن يتعرّض لأوضاع تضطرّه للجمع بين الصلاتين، ويوفّر نوعاً من الراحة والمعونة للناس من أجل إطاعة اللَّه وعبوديته، وبالطبع كما قال ابن سيرين مالم يُتّخذ عادة.۲
وما قاله هذا المحقّق على الرغم من صحّته ولكنّه تضييق أمر وسّعه الرسول صلى اللّه عليه و آله ، فقد ذكر أنّ جواز الجمع بين الصلاتين منحصر بمن اضطر إليه، في حين أنّ الرسول صلى اللّه عليه و آله