371
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

قالَ رَجُلٌ لابن عَبّاسٍ: الصَّلاةَ فَسَكَتَ ، ثُمَّ قالَ: الصَّلاةَ فَسَكَتَ ، ثُمَّ قالَ: الصَّلاةَ فَسَكَتَ ، ثُمَّ قالَ : لا اُمَّ لَكَ ! أتُعَلِّمُنا بِالصَّلاةِ و كُنّا نَجمَعُ بينَ الصَّلاتينِ عَلى‏ عَهدِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ؟!۱

يلاحظ في هذه الروايات دلالتها الصريحة على أنّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله جمع بين الصلاتين في المدينة على غير خوف أو مطر أو أيّ عامل آخر؛ ليبيّن أنّ جمع الصلاتين جائز ومشروع، ولكي لايظن أحد أنّ الفصل بينهما واجب لأنّ الرسول فصلهما عن بعضهما وصلّى كلّ واحدة في وقت فضيلتها.

وبعبارة اُخرى: لقد أثبت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله بهذا العمل أنّ الأفضل أداء كلّ من الصلاتين في وقته، وأمّا الجمع بينهما فجائز.

ولأنّ هذه الروايات خالفت رأي أهل السنة فقد سعوا إلى تأويلها لتنسجم مع فتاواهم. ومن تأويلاتهم:

۱ . إنّ الجمع الوارد في الأحايث بين الصلاتين في الحضر بمعنى أنّ الرسول صلى اللّه عليه و آله أخّر صلاة الظهر بأربع ركعاتها إلى نهاية وقتها، حتّى إذا صلاها حلّ وقت العصر فأدّى صلاته، وبهذا صلّى كلّاً منهما في وقته كما أنّه جمع بينهما.

وفي نقد هذا التأويل نقول: إنّه مخالف لظاهر الحديث، كما يدلّ بصراحة على ردّه عملُ ابن عبّاس عند خطبته، واستدلاله بهذا الحديث لتبرير عمله، وتأييد أبي هريرة له.۲

۲ . إنّ روايات الجمع بين الصلاتين تخصّ الأيّام الممطرة.

وذكر النووي في نقده لهذا الرأي بأنّه مشهور عن جماعة من كبار المتقدّمين، ولكنّه ضعيف بالروايات الاُخرى الحاكية عن أنّ الرسول صلى اللّه عليه و آله جمع بين الصلاتين من غير خوف أو مطر .۳

1.صحيح مسلم : ج ۱ ص ۴۹۲ ح ۵۸ .

2.راجع : شرح صحيح مسلم للنووي: ج ۵ ص ۲۱۸ .

3.المصدر نفسه.


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
370

أنّ أداء كلّ صلاة منفصلة أفضل من الجمع بينهما.

بعد أن طرحنا موضوع جواز الجمع بين الصلاتين الذي تناوشته مناقشات كثيرة بين الشيعة وأهل السنّة، لنتّجه الآن نحو توسيع نطاق بحثه، مع تأكيدنا على السنّة النبويّة الشريفة والتركيز في العرض والمحتوى.

الجمع بين الصلاتين في سنّة الرسول صلى اللّه عليه و آله

تطالعنا روايات كثيرة عن الرسول صلى اللّه عليه و آله في الصحاح والمسانيد تدلّ على جواز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء اختياراً وفي غير السفر، وفيما يلي بعض منها :

قال ابن عبّاس:
إنَّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله جَمعَ بين الظُّهرِ و العصر و جَمَع بين المَغربِ و العشاء بِالمدينة وهو مُقيم على غَير خَوف ولا شي‏ء اضطرُّه إلى‏ ذلكَ، فَقالوا: فَلِمَ يا أبا عبّاس ؟ قالَ : أراد أن لا يُحرِجَ اُمّتَهُ .۱

ونقل عبد اللَّه بن شقيق الخبر الآتي قائلاً :
خَطَبَنا ابن عبّاس يَوماً بَعد العصرِ حَتّى‏ غربت الشمس و بَدَت النجوم و جَعَلَ النّاسُ يَقولون : الصَّلاةَ الصَّلاةَ ، قالَ : فجاءه رَجُلٌ مِن بَني تَميم لا يفترُ و لا يَنثَني : الصَّلاةَ الصَّلاةَ ، فقال ابنُ عبّاسٍ : أتعلّمني بِالسنّة لا اُمَّ لَكَ؟! ثُمَّ قالَ : رَأيتُ رَسولَ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله جَمَعَ بَين الظُّهرِ وَ العَصرِ و المَغربِ وَ العِشاء.
قالَ عبد اللَّه بن شقيق : فَحاك في صَدري مِن ذلك شَى‏ءٌ فَأتَيتُ أبا هُريرَةَ فسَألتُهُ، فَصَدَّقَ مَقالَتَهُ .۲

ونقل ابن شقيق أيضاً في الجمع بين الصلاتين:

1.المعجم الكبير : ج ۱۲ ص ۵۸ .

2.صحيح مسلم : ج ۱ ص ۴۹۱ ح ۵۷ .

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10085
صفحه از 523
پرینت  ارسال به