369
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

والسفر، وحدوث عذر، مع الاختلاف في كيفية الأخيرين، ولكنّهم لم يجيزوا - إلّا القليل منهم - الجمع بينهما اختياراً وفي الحضر وبدون عذر.

ومن جهة اُخرى نقل محدّثوهم عدداً من الروايات تصرّح بأنّ الرسول صلى اللّه عليه و آله جمع بين الصلاتين في غير الموارد التي اعترف بها أهل السنّة؛ من أجل رفع الحرج عن الاُمّة، وهذا ما اضطرّهم إلى توجيه تلك الروايات وتأويلها.

وأمّا الإمامية فيعتقدون بأنّه إذا زالت الشمس فقد حان وقت صلاة الظهر وصلاة العصر بالرغم من وجوب صلاة الظهر أوّلاً. ورأيهم في ذلك أنّه من حين دخول الظهر إلى غروب الشمس وقت مشترك مابين الظهر والعصر، ماعدا مقدار ماتؤدّى فيه أربع ركعات من بداية الوقت فهو مختصّ بصلاة الظهر، ومقدار ماتؤدّى فيه أربع ركعات من آخره فهو مختصّ بالعصر. ومن هنا لو صلّى شخص الظهر والعصر في أيّ ساعة من الوقت المشترك فقد صلاهما في وقتهما.

ونظراً لما مرّ يمكن توضيح وقت صلاة المغرب والعشاء بأنّه من غروب الشمس إلى منتصف الليل وقت مشترك بين المغرب والعشاء، ماعدا مقدار ما تؤدى فيه ثلاث ركعات من بداية الوقت فهو مختصّ بالمغرب، ومقدار ماتؤدّى فيه أربع ركعات من آخره فهو مختصّ بالعشاء.

وعلى الرغم من أنّ ما بين الظهر إلى المغرب وقت مشترك بين صلاتي الظهر والعصر، وما بين المغرب إلى منتصف الليل وقت مشترك بين صلاتي المغرب والعشاء، إلّا أنّ لكلّ صلاة وقت فضيلتها أيضاً، ففضيلة الظهر إلى زمان تساوي الظلّ مع طول الشاخص، وفضيلة العصر إلى أن يصبح ظلّ الشاخص ضعفي طوله، وفضيلة المغرب إلى ذهاب حمرة الشفق، وفضيلة العشاء إلى مضي ثلث الليل.

وواضح أنّ في إطار نظرية الجمع بين الصلاتين ستفوتنا فضيلة إحداهما فقط، لا أن تؤدّى الصلاة في غير وقتها. وللحيلولة دون فوات الفضيلة روي عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
368

كانت السنة السادسة أتمّها، فعاب ذلك غير واحد من أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، وتكلّم في ذلك من يريد أن يكثر عليه، حتّى جاءه عليّ في من جاءه فقال: واللَّه، ما حدث أمر ولا قدم عهد، ولقد عهدت نبيّك صلى اللّه عليه و آله يصلّي ركعتين [في منىً‏] ثمّ أبا بكر ثمّ عمر، وأنت صدراً من ولايتك، فما أدري ما يرجع إليه [عملك‏] فقال: رأي رأيته.۱

ونقل مسلم في صحيحه عن ابن عمر أنّه قال:
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله بِمِنىً رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَعُمَرُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانُ صَدْراً مِنْ خِلاَفَتِهِ، ثُمَّ إنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بَعْدُ أَربَعاً. فَكَانَ ابنُ عُمَرَ إذَا صَلَّى مَعَ الإمَامِ صَلَّى أَربَعاً، وَإذَا صَلاهَا وَحْدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.۲

وجاء في المحلّى أيضاً:
ومن طريق سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمّد عن أبيه، قال: اعتلّ عثمان وهو بمنى فأتى عليّ فقيل له: صلّ بالناس. فقال: إن شئتم صلّيت لكم صلاة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله يعني ركعتين؟ قالوا: لا، إلّا صلاة أمير المؤمنين - يعنون عثمان - أربعاً ! فأبى عثمان .۳

والآن على فقهاء أهل السنّة أن يتولّوا الإجابة عن هذا السؤال: كيف ترجّح عمل الخليفة الثالث غير الموثّق على قول وفعل رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وأهل البيت عليهم السلام والخليفتين الأوّلين والصحابة؟!

۹ . الجمع بين الصلاتين‏

يصلّي أهل السنّة صلاتي (الظهر والعصر) و(المغرب والعشاء) منفصلة كلّ واحدة عن الاُخرى، ويُشكلون دائماً على أتباع أهل البيت عليهم السلام للجمع بينهما. وفقهاء أهل السنّة جوّزوا الجمع بين الصلاتين في موارد خاصّة، منها: الوقوف في المزدلفة وعرفات،

1.تاريخ الطبري: ج ۴ ص ۲۶۷ .

2.صحيح مسلم: ج ۱ ص‏۴۸۲ الرقم‏۱۷.

3.المحلى: ج ۴ ص ۲۷۰ .

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8148
صفحه از 523
پرینت  ارسال به