357
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

وبغضّ النظر عن الإشكالات الواردة على سند هذه الرواية فإنّ دلالتها محلّ للتأمّل لما يلي:

أوّلاً: ماذا تعني عبارة سهل بن سعد : «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة»؟ ومن كان يوجّه إليهم هذا الأمر؟ إذا كان الرسول صلى اللّه عليه و آله ، فلماذا لم يُذكر اسمه مع أنّه مدعاة للبركة وقوّة الكلام المنقول؟ وهل ثمّة شي‏ء آخر سوى أنّ هذا الأمر صدر بعد رحلة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ؟

ثانياً: على الرغم من أنّ ظاهر قول أبي حازم: «ولا أعلم إلّا أنّ [سهل بن سعد] ينمي ذلك [إلى الرسول صلى اللّه عليه و آله ]» ، أو «لا أعلم إلّا أنّه ينمى‏ ذلك [إلى الرسول صلى اللّه عليه و آله ]» غير أنّه يحكي عن تردّده في نسبة الأمر إلى رسول اللَّه؛ لأنّه لو لم يساوره التردّد في الموضوع لما تفوّه أصلاً بهذا القول .۱

۴ . الجهر ب «بسم اللَّه»

إحدى خصائص «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» هي تأكيد قراءتها بصوت مرتفع في الصلاة، وتسمّى اصطلاحاً ب «الجهر بالبسملة». وهنا عدّة ملاحظات تستدعي الوقوف عندها:

«الجهر بالبسملة» في السنّة النبوية

قرأ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وأهل بيته «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» بصوت مرتفع في جميع الصلوات، حتى في الصلاة التي يجب الإخفات فيها؛ استناداً إلى أحاديث مستفيضة۲ وردت في المصادر الروائية للشيعة وأهل السنّة.

1.ذكر هذا النقد الدلالي الفقيه المالكي الكبير ابن رشد الأندلسي (۵۲۰ - ۵۹۵ ه )، واستند إليه في أنّ خبر سهل بن سعد لا اعتبار له، وردّ التكتّف ولم يسلّم به (راجع : بداية المجتهد : ج ۱ ص ۱۳۱) .

2.الحديث المستفيض : حديث رواه عدّة رواة من كلّ طبقة ، وإذا ازداد العدد فيسمّى اصطلاحاً بالمتواتر .


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
356

نشأة التكتّف في الصلاة

ظاهرة التكتّف نموذج ملتقط من أهل ديانات اُخرى - وتعييناً المجوس - تسرّب إلى صلاة مجموعة من المسلمين استناداً إلى ماجاء في عدد من روايات الشيعة، منها مانقله الشيخ الصدوق عن أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام حيث قال:
لا يَجمَعُ المُسلِمُ يَدَيهِ فِي صَلَاتِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ بَينَ يَدَيِ اللَّهِ عزّ و جلّ يَتَشَبَّهُ بِأَهلِ الكُفرِ؛ يَعنِي المَجُوسَ.۱

ونُقل عن الإمام الباقر عليه السلام أيضاً الحديث التالي:
عَلَيكَ بِالإِقبَالِ عَلَى صَلاَتِكَ ... وَ لَا تُكَفِّر ، فَإِنَّمَا يَفعَلُ ذَلِكَ المَجُوسُ.۲

وتعرّض بعضُ فقهاء الشيعة القدماء إلى ما يتعلّق بوضع اليد على الاُخرى في الصلاة، فقال:
فإنّه حُكي عن عمر لمّا جي‏ء باُسارى العجم كَفَّروا أمامه ، فسأل عن ذلك ، فأجابوه بأنّا نستعمله خضوعاً وتواضعاً لملوكنا ، فاستحسن هو فعلُه مع اللَّه تعالى في الصلاة.۳

وهن دليل المعتقدين بأنّ التكتّف من السنّة

استدلّ أهل السنّة لإثبات أن التكتّف من‏السنّة بعدّة روايات، مثل رواية سهل بن سعد الآتية :
عن أبي حازم، عن سهل بن سعد أنّه قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة . قال أبو حازم: و لا أعلم إلّا أنّه ينمي‏۴ذلك ۵

1.الخصال : ص ۶۲۲ ح ۱۰ . والظاهر من بعض الآثار التاريخيّة والصور المتبقية في النقوش والمنمنمات أنّ هذا التقليد كان شائعاً في ثقافة الصينيين المعتنقين للديانة البوذيّة إضافة إلى الإيرانيين المتّبعين للديانة الزرادشتيّة .

2.علل الشرائع : ص ۳۵۸ ح ۱ .

3.جواهر الكلام: ج ۱۱ ص ۱۹.

4.ينمي ذلك : ينسبه .

5.السنن الكبرى: ج ۲ ص ۲۸.

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8062
صفحه از 523
پرینت  ارسال به