355
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

۳ . التكتّف‏

يسمّى وضع اليد اليمنى على اليسرى في حال القيام للصلاة ب «التكتّف» و «القبض» و«التّكفير»، وهو سنّة عند أغلب أهل السنّة، ماعدا المذهب المالكي الذي رجّح إرسال اليدين بدلاً من وضع إحداهما على الأخرى. وفي المقابل يعتقد فقهاء الشيعة أنّ صلاة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله كانت من دون تكتّف؛ ولذا فإنّ هذا العمل بدعة وحرام ومبطل للصلاة.

التكتّف ظاهرة جديدة

وضع اليدين على بعضهما في الصلاة ظاهرة نشأت بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله . وهنا روايتان حريّتان بالملاحظة، وهما:

الاُولى: رواية أبي حُميد الساعدي‏۱ التي نقلها مجموعة من محدّثي أهل السنّة، حيث وصف فيها الراوي أبو حُميد كيفية صلاة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله بحضور مجموعة من الصحابة، وعلى الرغم من أنّه كان بصدد بيان خصائص صلاته إلّا أنّه لا توجد أيّ إشارة إلى وضع الرسول صلى اللّه عليه و آله يده على الاُخرى، وفي الوقت نفسه أيّد الحاضرون بأجمعهم الكيفية التي حكاها، ولم يعترض عليه أحد منهم لعدم الإشارة إلى موضوع التكتّف، مع أنّهم اعترضوا عليه في البداية بأنّه ليس من أعلم الصحابة.

الثانية: رواية حمّاد بن عيسى،۲ فبعد أن نقد الإمامُ الصادق عليه السلام طريقة الصلاة لرجل لم يؤدّ طوال عمره صلاةً كاملة برعاية جميع حدودها، طلب الراوي من الإمام أن يعلّمه الصلاة مرّة اُخرى، فاستقبل عليه السلام القبلة وعلّمه عملياً الصلاة بحدودها وسننها، وكما في الحديث السابق، فمع أنّ الإمام عليه السلام كان بصدد بيان كيفية الصلاة مع رعاية جميع حدودها إلّا أنّه لم تصدر من الراوي أيّ إشارة إلى أنّه عليهم السلام وضع إحدى يديه على الأخرى.

1.راجع : ح ۹۳۵ .

2.راجع : ح ۶۵۳.


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
354

خير العمل» جزء من الأذان والإقامة في عصر رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وقد أبلغه الوحي بذلك، كما أكّد جزئيّتها عدد من الروايات والأخبار الواردة في المصادر الحديثية لأهل السنّة.۱

والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كانت جملة «حيّ على خير العمل» جزءاً من الأذان في عهد النبي صلى اللّه عليه و آله فمن حذفها، وما الداعي لذلك ؟

ورد الجواب عن هذا السؤال في بعض أحاديث أهل البيت عليهم السلام ۲ بأنّه على عهد الرسول صلى اللّه عليه و آله وحكومة أبي بكر وبداية خلافة عمر كانت «حيّ على خير العمل» جزءاً من الأذان والإقامة، ولكنّ عمر حذفها من الموضعين المذكورين؛ مستدلّاً بأنّ هذه الجملة تدفع المسلمين لأن يهتمّوا اهتماماً زائداً بالصلاة ويتهاونوا في الجهاد ويتخلّفوا عنه.

ولايخفى على أحد عدم انسجام هذا الاستدلال مع الثقافة الإسلامية الأصيلة؛ لأن الصلاة أسمى مظهر من مظاهر ذكر اللَّه تعالى، ولا عمل أحبّ إليه من ذكره، كما لا يوجد عمل أجدى منها لتحرير العبد من جميع مساوئ الدنيا والآخرة، وعليه فإن الجهاد أو أيّ عمل شريف آخر يجب أن يقيّم على هذا الأساس. جاء في حديث عن رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله في هذا الموضوع ما يلي :
لَيسَ عَمَلٌ أحَبَّ إلى اللَّهِ تَعالى وَ لا أنجى لِعَبدٍ مِن كُلِّ سيّئةٍ فِي الدنيا وَ الآخِرَةِ مِن ذِكرِ اللَّهِ. قيلَ: وَ لا القِتالُ في سَبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: لولا ذِكرُ اللَّهِ لم يُؤمَر بالقِتالِ.۳

1.راجع : المعجم الكبير : ج ۱ ص ۳۵۲ ح ۱۰۷۱ ، المصنّف لعبد الرزّاق : ج ۱ ص ۴۶۴ ح ۱۷۹۷ ، المصنّف لابن أبي شيبة : ج ۱ ص ۲۴۴ ح ۳ ، كنز العمّال : ج ۸ ص ۳۴۲ ح ۲۳۱۷۴ .

2.راجع : علل الشرائع : ص ۳۶۸ ح ۴ ، دعائم الإسلام : ج ۱ ص ۱۴۵ .

3.كنز العمّال: ج ۲ ص ۲۴۳ ح ۳۹۳۱.

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8362
صفحه از 523
پرینت  ارسال به