351
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

ومن جهة اُخرى لايجوز التأثير الإعرابي للعامل البعيد في كلمة معيّنة مع فقدان القرينة ووجود العامل الأقرب وفقاً لقواعد علم النحو، وعليه فإنّ الفعل «وَامْسَحُواْ» في آية الوضوء هو العامل الأقرب والمؤثّر في كلمة «برُؤُوسِكُمْ» ولايفسح المجال لتأثير العامل البعيد وهو الفعل «فاغْسِلُواْ»، ولذلك نقل عن ابن عبّاس أنّه قال:
إنّ الناسَ أبَوا إلّا الغَسلَ و لا أجِدُ في كتابِ اللَّه إلّا المَسحَ .۱

كما نقل عنه أيضاً أنّه كان يقول:
الوُضوءُ غَسلتانِ و مَسحَتانِ .۲

۲ . الأذان‏۳

الأذان شعار سياسي اجتماعي إضافة إلى كونه تذكرة بالواجب الشرعي الفردي؛ ومن هنا يجدر بالمجتمعات الإسلامية أن يعلو في سمائها نداء التوحيد ونفي الشرك والدعوة إلى القيم الدينية السامية ليلاً ونهاراً.

وعلى الرغم من اهتمام رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله بالأذان إلّا أنّه طرأت عليه - مع الأسف - بعد وفاته عدّةُ تغييرات، فاُضِيفت إليه أو اُنقِصت منه بعضُ الفقرات استناداً إلى اجتهادات فردية.

ويُذكر - وفقاً للأخبار الواصلة إلينا عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام - أنّ جبرئيل أذّن وأقام في الليلة التي عرج فيها رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله عند وصوله إلى البيت المعمور وحلول وقت الصلاة، فصلّى الأنبياء والملائكة بإمامة الرسول صلى اللّه عليه و آله - وعلّم الإمامُ الباقر عليه السلام فقرات أذان

1.سنن ابن ماجه : ج ۱ ص ۱۵۶ ح ۴۵۸.

2.كنز العمّال : ج ۹ ص ۴۳۳ ح ۲۶۸۴۰.

3.وردت أحاديث وبحوث الأذان مفصّلة في موسوعة معارف الكتاب والسنّة : ج ۱ (الأذان) ، وبنحو مستقلّ في كتاب «فرهنك نامه اذان» .


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
350

الوضوء - التي ذكرناها في بدايةالبحث - جليّة أيضاً في الأمر بمسح الأرجل لا غسلها.

وبينما استند أهل السنّة إلى روايات عثمان وبعض الأشخاص الآخرين التي تدّعي أنّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله كان يغسل رجليه في الوضوء، أضافوا دليلاً آخر وهو نصب كلمة «أَرْجُلَكُمْ» في آية الوضوء عطفاً على «وُجُوهَكُمْ» المنصوبة، ومن الطبيعي في هذا الفرض أن يسري حكم غسل الوجوه إلى الأرجل.

نقد للاستدلال بنصب «أَرْجُلكُمْ»

إنّ نصب كلمة «أَرْجُلَكُمْ» لايدلّ على غسل الأرجل من منظار مفسّري الشيعة وفقهائهم؛ استناداً لما يلي:

أوّلاً: لقد قرأ قرّاء عديدون كلمة «أَرْجُلكُمْ» بالجرّ، منهم: ابن كثير وحمزة وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر عنه، وعندئذٍ لاشكّ في أنّ «أَرْجُلِكُمْ» ستعطف على «رُؤُوسِكُمْ» ويسري إليها حكم مسح الرأس.

ثانياً: إنّ حكم مسح الأرجل لايتغيّر حتّى في القراءات التي نصبت «أَرْجُلَكُمْ» كقراءة نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه؛ لأنّ «أَرْجُلَكُمْ» ستعطف على محل نصب «رُؤُوسكُمْ» .

توضيح: إنّ الفعل «امسحوا»متعدّ بنفسه ولا يحتاج إلى حرف جرّ لكي ينصب مفعوله، وعليه فالباء في كلمة «برُؤُوسِكُمْ» حرف جرّ زائد للتبعيض، يشير إلى أن مسح بعض الرأس يجزي في الوضوء، كما يؤدّيه أتباع أهل البيت عليهم السلام اقتداءً باُسرة الرسول صلى اللّه عليه و آله ، واستناداً إلى ذلك فإنّ «رُؤُوسِكُمْ» مجرورة لفظاً منصوبة محلاً، ونصب «أَرْجُلَكُمْ» جاء عطفاً على المحلّ المذكور. وقد سلّم الفخر الرازي في تفسيره بهذا الإعراب في آخر آية الوضوء واعتبره مذهب مشهور النحويّين.۱

1.راجع تفسير الفخر الرازي : ج ۱۱ ص ۱۶۱ . وجدير بالقول أنّ الفخر الرازي مع اعترافه بدلالة آية الوضوء على مسح الأرجل، إلّا أنّه بقي معتقداً بغسلها، مستدلاً بالروايات التي نقلها أهل السنّة في الموضوع.

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8114
صفحه از 523
پرینت  ارسال به