الوضوء - التي ذكرناها في بدايةالبحث - جليّة أيضاً في الأمر بمسح الأرجل لا غسلها.
وبينما استند أهل السنّة إلى روايات عثمان وبعض الأشخاص الآخرين التي تدّعي أنّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله كان يغسل رجليه في الوضوء، أضافوا دليلاً آخر وهو نصب كلمة «أَرْجُلَكُمْ» في آية الوضوء عطفاً على «وُجُوهَكُمْ» المنصوبة، ومن الطبيعي في هذا الفرض أن يسري حكم غسل الوجوه إلى الأرجل.
نقد للاستدلال بنصب «أَرْجُلكُمْ»
إنّ نصب كلمة «أَرْجُلَكُمْ» لايدلّ على غسل الأرجل من منظار مفسّري الشيعة وفقهائهم؛ استناداً لما يلي:
أوّلاً: لقد قرأ قرّاء عديدون كلمة «أَرْجُلكُمْ» بالجرّ، منهم: ابن كثير وحمزة وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر عنه، وعندئذٍ لاشكّ في أنّ «أَرْجُلِكُمْ» ستعطف على «رُؤُوسِكُمْ» ويسري إليها حكم مسح الرأس.
ثانياً: إنّ حكم مسح الأرجل لايتغيّر حتّى في القراءات التي نصبت «أَرْجُلَكُمْ» كقراءة نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه؛ لأنّ «أَرْجُلَكُمْ» ستعطف على محل نصب «رُؤُوسكُمْ» .
توضيح: إنّ الفعل «امسحوا»متعدّ بنفسه ولا يحتاج إلى حرف جرّ لكي ينصب مفعوله، وعليه فالباء في كلمة «برُؤُوسِكُمْ» حرف جرّ زائد للتبعيض، يشير إلى أن مسح بعض الرأس يجزي في الوضوء، كما يؤدّيه أتباع أهل البيت عليهم السلام اقتداءً باُسرة الرسول صلى اللّه عليه و آله ، واستناداً إلى ذلك فإنّ «رُؤُوسِكُمْ» مجرورة لفظاً منصوبة محلاً، ونصب «أَرْجُلَكُمْ» جاء عطفاً على المحلّ المذكور. وقد سلّم الفخر الرازي في تفسيره بهذا الإعراب في آخر آية الوضوء واعتبره مذهب مشهور النحويّين.۱