35
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

صارَتِ الصَّلاةُ رَكعَةً وسَجدَتينِ؟ وكَيفَ إذا صارَت سَجدَتَينِ لَم تَكُن رَكعَتَينِ؟ فَقالَ : إذا سَأَلتَ عَن شَي‏ءٍ فَفَرِّغ قَلبَكَ لِتَفهَمَ :
إنَّ أوَّلَ صَلاةٍ صَلّاها رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله إنَّما صَلّاها فِي السَّماءِ بَينَ يَدَيِ اللَّهِ تَبارَكَ وتَعالى‏ ، قُدّامَ عَرشِهِ جَلَّ جَلالُهُ ، وذلِكَ أنَّهُ لَمّا اُسرِيَ بِهِ وصارَ عِندَ عَرشِهِ تَبارَكَ وتَعالى‏ ، فَتَجَلّى‏ لَهُ عَن وَجهِهِ حَتّى‏ رَآهُ بِعَينِهِ ، قالَ : «يا مُحَمَّدُ ! اُدنُ مِن صادٍ۱ ، فَاغسِل مَساجِدَكَ وطَهِّرها وصَلِّ لِرَبِّكَ» ، فَدَنا رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله إلى‏ حَيثُ أمَرَهُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى‏ ، فَتَوَضَّأَ فَأَسبَغَ وُضوءَهُ ، ثُمَّ استَقبَلَ الجَبّارَ تَبارَكَ وتَعالى‏ قائِماً ، فَأَمَرَهُ بِافتِتاحِ الصَّلاةِ ، فَفَعَلَ .
فَقالَ : «يا مُحَمَّدُ ، اِقرَأ : «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ‏ّ الْعَلَمِينَ» - إلى‏ آخِرِها - » ، فَفَعَلَ ذلِكَ ، ثُمَّ أمَرَهُ أن يَقرَأَ نِسبَةَ ربِّهِ تَبارَكَ وتَعالى‏ : «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ» ثُمَّ أمسَكَ عَنهُ القَولَ ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ» ، فَقالَ : «قُل : «لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ * وَ لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدُ»» ، فَأَمسَكَ عَنهُ القَولَ ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : «كَذلِكَ اللَّهُ رَبّي ، كَذلِكَ اللَّهُ رَبّي ، كَذلِكَ اللَّهُ رَبّي» .
فَلَمّا قالَ ذلِكَ قالَ : «اِركَع يا مُحَمَّدُ لِرَبِّكَ» ، فَرَكَعَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ، فَقالَ لَهُ وهُوَ راكِعٌ : قُل : «سُبحانَ رَبِّيَ العَظيمِ وبِحَمدِهِ» ، فَفَعَلَ ذلِكَ ثَلاثاً ، ثُمَّ قالَ : «اِرفَع رَأسَكَ يا مُحَمَّدُ» ، فَفَعَلَ ذلِكَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ، فَقام مُنتَصِباً بَينَ يَدَيِ اللَّهِ عزّ و جلّ ، فَقالَ : «اُسجُد يا مُحَمَّدُ لِرَبِّكَ» ، فَخَرَّ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ساجِداً ، فَقالَ : قُل : «سُبحانَ رَبِّيَ الأَعلى‏ وبِحَمدِهِ» ، فَفَعَلَ ذلِكَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ثَلاثاً ، فَقالَ لَهُ : «اِستَوِ جالِساً يا مُحَمَّدُ» ، فَفَعَلَ ، فَلَمَّا استَوى‏ جالِساً ذَكَرَ جَلالَ رَبِّهِ جَلَّ جَلالُهُ ، فَخَرَّ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ساجِداً مِن تِلقاءِ

1.صاد : قيلَ : هو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۰۶۱ «صيد») .


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
34

اللَّهُ عزّ و جلّ إلَيهِ : «اقرَأ «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ» ؛ فَإِنَّها نِسبَتُكَ ونِسبَةُ أهلِ بَيتِكَ إلى‏ يَومِ القِيامَةِ» . وفَعَلَ فِي الرُّكوعِ مِثلَ ما فَعَلَ فِي المَرَّةِ الأُولى‏ ، ثُمَّ سَجَدَ سَجدَةً واحِدَةً ، فَلَمّا رَفَعَ رَأسَهُ تَجَلَّت لَهُ العَظَمَةُ فَخَرَّ ساجِداً مِن تِلقاءِ نَفسِهِ لا لِأَمرٍ اُمِرَ بِهِ ، فَسَبَّحَ أيضاً .
ثُمَّ أوحَى اللَّهُ إلَيهِ : «ارفَع رَأسَكَ يا مُحَمَّدُ ، ثَبَّتَكَ رَبُّكَ» ، فَلَمّا ذَهَبَ لِيَقومَ قيلَ : «يا مُحَمَّدُ ، اجلِس» ، فَجَلَسَ ، فَأَوحَى اللَّهُ إلَيهِ : «يا مُحَمَّدُ ، إذا مَا أنعَمتُ عَلَيكَ فَسَمِّ بِاسمي» ، فَأُلهِمَ أن قالَ : بِسمِ اللَّهِ وبِاللّهِ ولا إلهَ إلَّا اللَّهُ ، وَالأَسماءُ الحُسنى‏ كُلُّها لِلّهِ ، ثُمَّ أوحَى اللَّهُ إلَيهِ : «يَا مُحَمَّدُ ، صَلِّ عَلى‏ نَفسِكَ وعَلى‏ أهلِ بَيتِكَ» ، فَقالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيَّ وعَلى‏ أهلِ بَيتي ، وقَد فَعَلَ .
ثُمَّ التَفَتَ فَإِذا بِصُفوفٍ مِنَ المَلائِكَةِ وَالمُرسَلينَ وَالنَّبيّينَ ، فَقيلَ : «يا مُحَمَّدُ ، سَلِّم عَلَيهِم» ، فَقالَ : السَّلامُ عَلَيكُم ورَحمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ ، فَأَوحَى اللَّهُ إلَيهِ : «إنَّ السَّلامَ وَالتَّحِيَّةَ وَالرَّحمَةَ وَالبَرَكَاتِ أنتَ وذُرِّيَّتُكَ» ، ثُمَّ أوحَى اللَّهُ إلَيهِ ألاّ يَلتَفِتَ يَساراً .
و أوَّلُ آيَةٍ سَمِعَهَا بَعدَ «قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» و «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ» آيَةُ أصحابِ اليَمينِ وأصحابِ الشِّمالِ ؛ فَمِن أجلِ ذلِكَ كانَ السَّلامُ واحِدَةً تُجَاهَ القِبلَةِ ، ومِن أجلِ ذلِكَ كانَ التَّكبيرُ فِي السُّجودِ شُكراً ، وقَولُهُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى اللّه عليه و آله سَمِعَ ضَجَّةَ المَلائِكَةِ بِالتَّسبِيحِ وَالتَّحميدِ وَالتَّهليلِ ؛ فَمِن أجلِ ذلِكَ قالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ ، ومِن أجلِ ذلِكَ صارَتِ الرَّكعَتانِ الأُولَيانِ كُلَّمَا أحدَثَ فيهِما حَدَثاً كانَ عَلى‏ صاحِبِهِما إِعادَتُهُما . فَهذَا الفَرضُ الأَوَّلُ في‏۱ صَلاةِ الزَّوالِ ؛ يَعني صَلاةَ الظُّهرِ .۲

۱۶.علل الشرائع عن إسحاق بن عمّار : سَأَلتُ أبَا الحَسَنِ موسَى بنَ جَعفَرٍ عليه السلام : كَيفَ

1.في بعض نسخ الكافي وفي الوافي : «وهي» بدل «في» .

2.الكافي : ج ۳ ص ۴۸۵ ح ۱ ، علل الشرائع : ص ۳۱۵ ح ۱ نحوه ، منتقى الجمان : ج‏۲ ص‏۳۵۰ كلّها عن عمر بن اُذينة ، بحار الأنوار : ج ۸۲ ص ۲۴۰ ح ۱ .

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8224
صفحه از 523
پرینت  ارسال به