305
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

إلهي ! كَيفَ تَطرُدُ مِسكيناً ألفَى إلَيكَ مِنَ الذُّنوبِ هارِباً ؟ ! أم كَيفَ تُخَيِّبُ مُستَرشِداً قَصَدَ إلى‏ جَنابِكَ ساعياً ؟ ! أم كَيفَ تَرُدُّ ظَمآناً وَرَدَ عليك شارِباً ؟ ! كَلّا وحِياضُكَ المُترَعَة في ضَنكِ المَحولِ ، وبابُكُ مَفتوحٌ لطلب الوُغولِ ، وأنتَ غايَةُ السُّؤولِ ، ونِهايَةُ المَأمولِ .
إلهي ! هذِهِ أهوائِيَ المُضِلَّةُ وَكَلتُها إلى جَنابِ لُطفِكَ ورَأفَتِكَ ، وهذِهِ أزِمَّةُ اُموري قلدتها عِقالِ مَشِيَّتِكَ ، وهذِهِ أعباءُ ذُنوبي ذَرَأتُها برَحمَتِكَ ، فَاجعَلِ اللَّهُمَّ صَباحي هذا نازِلاً عَلَيَّ بالسَّلامَةِ فِي الدارينِ ومَسائي جُنَّةً مِن نزغات الهَوى‏ ، إنَّكَ قادِرٌ عَلى‏ ما تَشاءُ ، تُؤتِي المُلكَ مَن تَشاءُ ، وتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ ، وتُعِزُّ مَن تَشاءُ ، وَتُذِلُّ مَن تَشاءُ ، بِيَدِكَ الخَيرُ إنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ قَديرٌ ، تولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهارِ وتولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيلِ ، وتُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وتُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ ، وتَرزُقُ مَن تَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ .
سُبحانَكَ لا إله إلا انت مَن يَعلَمُ ما أنتَ ولا يَهابُكَ ؟ ! ومن يقدّر قدرتك ولا يخافك؟ فَلَقتَ بِقُدرَتِكَ الفَلَقَ ، وأنشَرتَ بِكَرَمِكَ دَياجِيَ الغَسَقِ ، وأهمَرتَ المِياهَ مِنَ الصُّمِّ الصيلاخيدِ عَذباً واُجاجاً ، وأنزَلتَ مِنَ السماء ماءً ثَجّاجاً ، وجَعَلتَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ لِلبَرِيَّةِ سِراجاً وَهّاجاً ، مِن غَيرِ أن تُمارِسَ فيمَا ابتَدَأتَ بِهِ لُغوباً ولا عِلاجاً .
فَيا مَن تفرد بالبقاء ، وقَهَرَ عِبادَهُ بِالمَوتِ وَالفَناءِ ، صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ الأَتقِياءِ ، وَاسمَع نِدائي ، وَاستَجِب دُعائي ، وحَقِّق بِفَضلِكَ أمَلي ورَجائي ، يا خَيرَ مَن انتجع لِكَشفِ الضُّرِّ ، وَالمَأمولِ لِكُلِّ عسر ويسر ، بِكَ أنزَلتُ حاجَتي ، فَلا تَرُدَّني مِن سَنِيِّ مَواهِبِكَ خائِباً ، يا كَريمُ .
ثُمَّ تسجُدُ وتَقولُ :
إلهي ! قَلبي مَحجوبٌ ، وعَقلي مَغلوبٌ ونَفسي مَعيوبَةٌ ، ولِساني مُقِرٌّ بِالذُّنوبِ ،


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
304

ذِروَةِ۱ الكاهِلِ الأَعْبَلِ‏۲ ، وَالثّابِتِ القَدَمِ عَلى‏ زَحاليفِها۳ فِي الزَّمَنِ الأَوَّلِ ، وعَلى‏ آلِهِ الأَخيارِ المُصطَفَينَ الأَبرارِ .
وَافتَحِ اللَّهُمَّ لَنا مَفاتيح الصَّباحِ على مَصاريع الرَّحمَةِ وَالفَلاحِ ، وألبِسنِي اللَّهُمَّ مِن أفضَلِ خِلَعِ الهِدايَةِ وَالصَّلاحِ ، وَاغرِس بِعَظَمَتِكَ في شِربِ حياتي يَنابيعَ الخُشوعِ ، وأَجرِ مِن آماقي لِهَيبَتِكَ زَفَراتِ الدُّموعِ ، وأدِّبِ اللَّهُمَّ نَزَقَ‏۴ الخُرقِ مِنّي بِأَزِمَّةِ القُنوعِ .
إلهي ! إن لَم تَبتَدِئنِي الرَّحمَةُ مِنكَ بِحُسنِ التَّوفيقِ ، فَمَنِ السّالِكُ بي إلَيكَ في واضِحِ الطَّريقِ ؟! وإن أسلَمَتني أناتُكَ لغاية الأَمَلِ وَالمُنى‏ ، فَمَنِ المُقيلُ عَثَراتي مِن كَبَواتِ الهَوى‏ ؟! وإن خَذَلَني نَصرُكَ عِندَ مُحارَبَةِ النَّفسِ وَالشَّيطانِ ، فَقَد وَكَلَني خِذلانُكَ إلى‏ حَيثُ النَّصَبِ وَالحِرمانِ .
إلهي ! أ تَراني ما أتَيتُكَ إلّا مِن حَيثُ الآمالِ ؟ ! أم عَلِقتُ بِأَطرافِ حيالك إلّا حينَ باعَدَتني ذُنوبي من دارِ الوِصالِ ، فَبِئسَ المَطِيَّةُ الَّتِي امتَطَت نَفسي مِن هَواها ! فَواهاً لَها لِما سَوَّلَت لَها ظُنونُها ومُناها ! وتَبّاً لَها لِجُرأَتِها عَلى‏ سَيِّدِها ومَولاها !
إلهي ! قَرَعتُ بابَ رَحمَتِكَ بِيَدِ رَجائي ، وهَرَبتُ إلَيكَ لاجِئاً مِن فَرطِ أهوائي ، وعَلَّقتُ بِأَطرافِ حِبالِكَ أنامِلَ وَلائي ، فَاصفَحِ اللَّهُمَّ عَمّا اقترفته مِن زَلَلي وخَطائي ، وأقِلني مِن صَرعَةِ دائي ، إِنَّكَ سَيِّدي ومَولايَ ومُعتَمَدي ومنتهى رَجائي ، وغايَةُ مُنايَ في مُنقَلَبي ومَثوايَ .

1.ذِروَة كلّ شي‏ء : أعلاه (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۲۸۴ «ذرا») .

2.الكاهل : مقدّم أعلى الظهر (النهاية : ج ۴ ص ۲۱۴ «كهل») . والأعْبَل : الجبل الأبيض الحجارة (تاج العروس : ج ۱۵ ص ۴۶۰ «عبل») .

3.الزُّحلوفةُ : المكانُ الزَّلِقُ (لسان العرب : ج ۹ ص ۱۳۱ «زحلف») .

4.النَّزَقُ : خفّة في كلّ أمر ، وعجلة في جهل وحُمق (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۳۵۲ «نزق») .

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9985
صفحه از 523
پرینت  ارسال به