279
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

الرأي الثالث: التفصيل‏

هنالك رأي آخر مطروح في هذا المجال وهو التفصيل، أي اختصاص الكيفية المشهورة - تقديم التحميد على التسبيح - بتعقيب الصلاة، واختصاص الكيفية غير المشهورة - تقديم التسبيح على التحميد - بوقت النوم.

وقد رفض الشيخ البهائي هذا التفصيل بالاستناد إلى الإجماع المركّب ،۱ ولكنّ فقهاء آخرين - كالمحدّث البحراني وصاحب الجواهر - لم يستحسنوا هذا الرفض، ولم يعتبروا المسألة موضع تمسّك بهذا النوع من الأدلّة .۲

والدليل الأفضل في رفض هذا التفصيل الرجوع إلى الأحاديث؛ لأنّ بين الأحاديث المشهورة حديثاً يثبت الكيفية المشهورة للذكر قبل النوم، كما أنّ بين الأحاديث غير المشهورة حديثاً مختصّاً بتعقيب الصلاة.

وبعبارة اُخرى: هذا الجمع بين الأحاديث لايمكن تطبيقه، والأحاديث المشهورة مطلقة وتشمل كلتا الحالتين.

الرأي المختار

استناداً إلى ما مرّ يمكن القول: إنّ الرأي الذي اتّفق عليه علماء الشيعة في الشروع بالتكبير - والذي يوافق نقل محدّثي أهل السنّة المعروفين كالبخاري ومسلم النيسابوري وأبي داود - يُرَجّح على النقل الآخر لمحدّثي أهل السنّة الذين يقولون بعكسه والاختتام بالتكبير؛ وأمّا فيما يتعلّق بالاختلاف الآخر - تقديم التحميد على التسبيح - فلا ضرورة للانحصار في الشكل والكيفية المشهورة، وكلا الشكلين مشروع رغم أنّ بالإمكان اعتبار الترتيب المشهور أفضل نظراً إلى كثرة الأحاديث وفتاوى الفقهاء .

1.راجع: مفتاح الفلاح: ص ۲۱۸.

2.راجع: الحدائق الناضرة: ج‏۸ ص ۵۲۱، جواهر الكلام: ج‏۱۰ ص ۴۰۳.


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
278

تسبيحات فاطمة الزهراء عليها السلام التسبيح على التحميد۱؛ ولأنّ هؤلاء الفقهاء كانوا قريبي عهد من عصر الأئمّة عليهم السلام وكانوا هم أنفسهم محدّثين، فبالإمكان اعتبار قولهم ردّاً على القول المشهور.

ويمكن أن نذكر في الإجابة عن هذا القول تصريح الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي، حيث جوّزا كلا الشكلين: الترتيب المشهور وغير المشهور، وكان قصدهما من بيان الترتيب غير المشهور: وجوب رعاية الترتيب المشهور، وهو ليس انحصارياً، فكلتا الكيفيتين مشروعة ومطابقة للسنّة.

ويرى بعض الفقهاء المتأخّرين - كصاحب الجواهر - هذا الرأي، بل نسبوه أيضاً إلى العلّامة الحلّي والفيض الكاشاني .۲

ودليل صاحب الجواهر أنّ الاختلاف بين الأحاديث في المسائل المستحبّة لايؤدّي إلى التعارض كي تكون هنالك حاجة إلى الترجيح أو التخيير، بل إنّ التأكيد على جانب واحد في هذا النوع من المواضع يهدف إلى التعريف بالفرد الأحسن والأكمل، وليس ردّاً لجواز الطرف الآخر ومشروعيته.

ويضيف صاحب الجواهر قائلاً:

وربما يُشعر به قول الصادق عليه السلام: وتَبدَأ بالتَّكبيرِ، مع سكوته عن غيره .۳

أيّ إنّ المهمّ البدء بالتكبير، فعدم بيانه الترتيب بين الحمد والتسبيح دالّ على عدم أهمّية ترتيبهما، وما رواه محمّد بن عذافر من فعل الإمام الصادق عليه السلام بتقديمه التحميد على التسبيح،۴لايثبت سوى الجواز، وعلى الأكثر استحبابه، ولا يدلّ على حتميته ونفي الكيفية الاُخرى.

1.فقه‏الرضا: ص ۱۱۵، الهداية: ص ۱۴۱، الاقتصاد: ص ۲۶۴، وراجع: المختلف: ج ۲ ص ۱۸۲، المبسوط: ج‏۱ ص‏۱۱۷.

2.جواهر الكلام: ج‏۱۰ ص ۴۰۴.

3.جواهر الكلام: ج‏۱۰ ص ۴۰۴.

4.راجع: الكافي : ج‏۳ ص ۳۴۲ ح ۸.

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9720
صفحه از 523
پرینت  ارسال به