237
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

تَعلَمونَ ما يَقولُ لَضَحِكتُم قَليلاً ولَبَكَيتُم كَثيراً ! فَلِقَولِهِ : «اللَّهُ أكبَرُ» مَعانٍ كَثيرَةٌ :
مِنها : أنَّ قَولَ المُؤَذِّنِ : «اللَّهُ أكبَرُ» يَقَعُ عَلى‏ قِدَمِهِ وأزَلِيَّتِهِ وأبَدِيَّتِهِ وعِلمِهِ وقُوَّتِهِ وقُدرَتِهِ وحِلمِهِ وكَرَمِهِ وجودِهِ وعَطائِهِ وكِبرِيائِهِ ، فَإِذا قالَ المُؤَذِّنُ : «اللَّهُ أكبَرُ» فَإِنَّهُ يَقولُ : اللَّهُ الَّذي لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ وبِمَشِيَّتِهِ كانَ الخَلقُ ، ومِنهُ كُلُّ شَي‏ءٍ لِلخَلقِ ، وإلَيهِ يَرجِعُ الخَلقُ ، وهُوَ الأَوَّلُ قَبلَ كُلِّ شَي‏ءٍ لَم يَزَل ، وَالآخِرُ بَعدَ كُلِّ شَي‏ءٍ لا يَزالُ ، وَالظّاهِرُ فَوقَ كُلِّ شَي‏ءٍ لا يُدرَكُ ، وَالباطِنُ دونَ كُلِّ شَي‏ءٍ لا يُحَدُّ ، وهُوَ الباقي وكُلُّ شَي‏ءٍ دونَهُ فانٍ .
وَالمَعنَى الثّاني : «اللَّهُ أكبَرُ» أيِ العَليمُ الخَبيرُ عَلَيهِم بِما كانَ ويَكونُ قَبلَ أن يَكونَ .
وَالثّالِثُ : «اللَّهُ أكبَرُ» أيِ القادِرُ عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ ، يَقدِرُ عَلى‏ ما يَشاءُ ، القَوِيُّ لِقُدرَتِهِ ، المُقتَدِرُ عَلى‏ خَلقِهِ ، القَوِيُّ لِذاتِهِ ، قُدرَتُهُ قائِمَةٌ عَلَى الأَشياءِ كُلِّها ، إذا قَضى‏ أمراً فَإِنَّما يَقولُ لَهُ : كُن ، فَيَكونُ .
وَالرّابِعُ : «اللَّهُ أكبَرُ» عَلى‏ مَعنى‏ حِلمِهِ وكَرَمِهِ ، يَحلُمُ كَأَنَّهُ لا يَعلَمُ ، ويَصفَحُ كَأَنَّهُ لا يَرى‏ ، ويَستُرُ كَأَنَّهُ لا يُعصى‏ ، لا يَعجَلُ بِالعُقوبَةِ كَرَماً وصَفحاً وحِلماً .
وَالوَجهُ الآخَرُ في مَعنى‏ «اللَّهُ أكبَرُ» ؛ أيِ الجَوادُ جَزيلُ العَطاءِ كَريمُ الفِعال .۱
وَالوَجهُ الآخَرُ: «اللَّهُ أكبَرُ» فيهِ نَفيُ صِفَتِهِ وكَيفِيَّتِهِ ؛ كَأَنَّهُ يَقولُ : اللَّهُ أجَلُّ مِن أن يُدرِكَ الواصِفونَ قَدرَ صِفَتِهِ الَّذي هُوَ مَوصوفٌ بِهِ ، وإنَّما يَصِفُهُ الواصِفونَ عَلى‏ قَدرِهِم لا عَلى‏ قَدرِ عَظَمَتِهِ وجَلالِهِ ، تَعالَى اللَّهُ عَن أن يُدرِكَ الواصِفونَ صِفَتَهُ عُلُوّاً كَبيراً .

1.في بعض نسخ المصدر : «النوال» .


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
236

إذا قالَ المُؤَذِّنُ : «اللَّهُ أكبَرُ اللَّهُ أكبَرُ» فَإِنَّهُ يَقولُ : اللّهُمَّ أنتَ الشّاهِدُ عَلى‏ ما أقولُ ، يا اُمَّةَ مُحَمَّدٍ قَد حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَتَهَيَّؤوا ودَعوا عَنكُم شُغلَ الدُّنيا .
وإذا قالَ : «أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ» فَإِنَّهُ يَقولُ : يا اُمَّةَ مُحَمَّدٍ اُشهِدُ اللَّهَ واُشهِدُ مَلائِكَتَهُ أنّي أخبَرتُكُم بِوَقتِ الصَّلاةِ فَتَفَرَّغوا لَها .
وإذا قالَ : «أشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللَّهِ» فَإِنَّهُ يَقولُ : يَعلَمُ اللَّهُ ويَعلَمُ مَلائِكَتُهُ أنّي قَد أخبَرتُكُم بِوَقتِ الصَّلاةِ ، فَتَفَرَّغوا لَها فَإِنَّها خَيرٌ لَكُم .
وإذا قالَ : «حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ» فَإِنَّهُ يَقولُ : يا اُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، دينٌ قَد أظهَرَهُ اللَّهُ لَكُم ورَسولُهُ فَلا تُضَيِّعوهُ ، ولكِن تَعاهَدوا يَغفِرِ اللَّهُ لَكُم ، تَفَرَّغوا لِصَلاتِكُم فَإِنَّها عِمادُ دينِكُم .
وإذا قالَ : «حَيَّ عَلَى الفَلاحِ» فَإِنَّهُ يَقولُ : يا اُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، قَد فَتَحَ اللَّهُ عَلَيكُم أبوابَ الرَّحمَةِ ، فَقوموا وخُذوا نَصيبَكُم مِنَ الرَّحمَةِ تَربَحُوا الدُّنيا وَالآخِرَةَ .
وإذا قالَ : «اللَّهُ أكبَرُ اللَّهُ أكبَرُ»۱ فَإِنَّهُ يَقولُ : تَرَحَّموا عَلى‏ أنفُسِكُم ، فَإِنَّهُ لا أعلَمُ لَكُم عَمَلاً أفضَلَ مِن هذِهِ ، فَتَفَرَّغوا لِصَلاتِكُم قَبلَ النَّدامَةِ .
وإذا قالَ : «لا إلهَ إلَّا اللَّهُ» فَإِنَّهُ يَقولُ : يا اُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، اِعلَموا أنّي جَعَلتُ أمانَةَ سَبعِ سَماواتٍ وسَبعِ أرَضينَ في أعناقِكُم ، فَإِن شِئتُم فَأَقبِلوا وإن شِئتُم فَأَدبِروا ، فَمَن أجابَني فَقَد رَبِحَ ومَن لَم يُجِبني فَلا يَضُرُّني .۲

۶۵۶.الإمام الحسين عليه السلام : كُنّا جُلوساً فِي المَسجِدِ إذ صَعِدَ المُؤَذِّنُ المَنارَةَ فَقالَ : «اللَّهُ أكبَرُ اللَّهُ أكبَرُ» ، فَبَكى‏ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام وبَكَينا لِبُكائِهِ ، فَلَمّا فَرَغَ المُؤَذِّنُ قالَ : أتَدرونَ ما يَقولُ المُؤَذِّنُ ؟ قُلنا : اللَّهُ ورَسولُهُ ووَصِيُّهُ أعلَمُ ! قالَ : لَو

1.في بحار الأنوار : «وإذا قال : حيّ على خير العمل» بدل «وإذا قال : اللَّه أكبر اللَّه أكبر» .

2.جامع الأخبار : ص ۱۷۱ ح ۴۰۵ عن الإمام عليّ عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۸۴ ص ۱۵۳ ح ۴۹ .

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11521
صفحه از 523
پرینت  ارسال به