وهذه العبارة تعني أنّ المحتاج المطلق والموجود الحقير جدّاً عندما يرى نفسه في محضر الغنيّ المطلق واللّامتناهي في العظمة، فإنّه يشعر بالخشوع دون إرادة منه، ويسيطر على كلّ وجوده الخشوع الظاهري والباطني. وبناء على ذلك، فالدعاء هو الطريق الأوّل لتحقيق الخشوع كي يهيّئ اللَّه سبحانه أرضية شهود عظمته.
نعم، يجب الالتفات إلى أنّ الدعاء لايكفي وحده، وأنّ الدعاء في الثقافة الإسلامية يكون في الأساس إلى جانب التخطيط والسعي لا في مقابلهما، ولذلك فإنّني عندما طلبت من الفقيه الجليل والعالم الربّاني آية اللَّه محمّد تقي بهجت - رضوان اللَّه عليه - أن يدعو لي بأن أتمتّع بحضور القلب في الصلاة قال: إنّ هذا الأمر يحتاج إلى الدواء لا إلى الدعاء! مشيراً إلى أنّ الدعاء لا نتيجة من ورائه من دون التخطيط والسعي، لا أنّ الدعاء عديم الفائدة بالمرّة في هذا المجال.
وعلى أيّ حال، واستناداً إلى تجربة أهل المعرفة فإنّه توجد بنحوٍ عامّ أربعة أساليب تؤثّر في تحقيق حضور القلب في الصلاة:
۱. المداومة على أداء الصلوات الخمس في أوّل الوقت: نقل آية اللَّه بهجت قدس سره عن اُستاذه آية اللَّه السيّد على القاضي قوله: «من أدّى الصلوات اليومية الواجبة في أوّل وقتها، فإنّه سيبلغ كلّ المراتب المعنوية، وإن لم يبلغها فليلعنّي».
وذكر في بيان ما قاله آية اللَّه القاضي: «لم يقل: من أدّاها حقّ أدائها، فيتّضح إذن أنّ الصلاة في أوّل الوقت تحقّق حضور القلب أيضاً».
وفي هذا القول إشارة إلى أنّ تجربة آية اللَّه بهجت واُستاذه الفاضل وهي «الالتزام بالصلاة في أوّل وقتها» تُهيّئ الأرضية لحضور القلب وبلوغ صفة الخشوع.
۲. عدم تفويت لحظات حضور القلب عمداً: سألت آية اللَّه بهجت رحمه اللّه : ما هو سبيل بلوغ حضور القلب في الصلاة؟ فقال: عملان يؤدّيان معاً:
أوّلاً : أن لا يكترث بالوساوس الشيطانية التي تحصل لا إرادياً.
ثانياً : عندما يحصل له حضور القلب في الصلاة ولو للحظة واحدة فعليه أن لا