169
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

يفوّت ذلك عمداً أو اختياراً، وأن لا يلتفت إلى غير اللَّه بنحو اختياري.

وقال في إيضاح هذا الموضوع: يريد الشيطان أن يلفت الإنسان إلى غير اللَّه بنحو اختياري، وعندما يرى أنّه لايلتفت يتركه.

وقال في لقاء آخر: لا يعلم برهان هذا الموضوع إلّا من عَمل وحَصل على نتيجة، والشيطان لا يرضى أن يعبده أحد دون اختيار .

۳. اجتناب اللغو: من الاُمور الاُخرى التي يمكن أن تؤثّر - استناداً إلى إرشادات آية اللَّه بهجت رحمه اللّه - في تحقيق حضور القلب والخشوع في الصلاة : اجتناب اللغو، فقد سألني ذات يوم: لماذا جاء اجتناب اللغو إلى جانب الخشوع في الصلاة في سورة المؤمنون؟۱ فقلت: لا أدري، فقال جواباً عن سؤاله: قد يكون سرّ مجي‏ء «الخشوع في الصلاة» إلى جانب «اجتناب اللغو» في الآيات المذكورة، أنّ اجتناب اللغو والأفعال العبثية مؤثّر في حصول الخشوع في الصلاة، وما لم يجتنب المصلّي اللغو فإنّه لايمكن أن يكون خاشعاً في صلاته.

۴. تلقين القلب لأذكار الصلاة : ذكر الإمام الخميني رحمه اللّه في كتاب سرّ الصلاة إرشاداً آخر لحضور القلب في الصلاة، قائلاً:

«كان الشيخ العارف الكامل الشاه آبادي - روحي فداه - يقول: على الإنسان أن يكون في وقت الذكر مثل الشخص الذي يعلّم الطفل الكلام ويلقّنه إيّاه كي يحمله على النطق، وهكذا الإنسان فإنّ عليه أن يلقّن قلبه الذكر، ومادام الإنسان يردّد الذكر باللسان وينشغل بتعليم القلب، فإنّ الظاهر يعين الباطن، وبمجرّد أن ينفتح لسان طفل القلب سيكون الباطنُ مُعيناً للظاهر، كما هو الحال في تلقين الطفل، فمادام الإنسان يعلّمه الكلام فإنّه يعينه، وبمجرّد أن ينطق بالكلام يحصل في الإنسان نشاط يزيل التعب

1.مراده الآيات: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خَشِعُونَ * وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ » (المؤمنون: ۱ - ۳).


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
168

وهذه العبارة تعني أنّ المحتاج المطلق والموجود الحقير جدّاً عندما يرى نفسه في محضر الغنيّ المطلق واللّامتناهي في العظمة، فإنّه يشعر بالخشوع دون إرادة منه، ويسيطر على كلّ وجوده الخشوع الظاهري والباطني. وبناء على ذلك، فالدعاء هو الطريق الأوّل لتحقيق الخشوع كي يهيّئ اللَّه سبحانه أرضية شهود عظمته.

نعم، يجب الالتفات إلى أنّ الدعاء لايكفي وحده، وأنّ الدعاء في الثقافة الإسلامية يكون في الأساس إلى جانب التخطيط والسعي لا في مقابلهما، ولذلك فإنّني عندما طلبت من الفقيه الجليل والعالم الربّاني آية اللَّه محمّد تقي بهجت - رضوان اللَّه عليه - أن يدعو لي بأن أتمتّع بحضور القلب في الصلاة قال: إنّ هذا الأمر يحتاج إلى الدواء لا إلى الدعاء! مشيراً إلى أنّ الدعاء لا نتيجة من ورائه من دون التخطيط والسعي، لا أنّ الدعاء عديم الفائدة بالمرّة في هذا المجال.

وعلى أيّ حال، واستناداً إلى تجربة أهل المعرفة فإنّه توجد بنحوٍ عامّ أربعة أساليب تؤثّر في تحقيق حضور القلب في الصلاة:

۱. المداومة على أداء الصلوات الخمس في أوّل الوقت: نقل آية اللَّه بهجت قدس سره عن اُستاذه آية اللَّه السيّد على القاضي قوله: «من أدّى الصلوات اليومية الواجبة في أوّل وقتها، فإنّه سيبلغ كلّ المراتب المعنوية، وإن لم يبلغها فليلعنّي».

وذكر في بيان ما قاله آية اللَّه القاضي: «لم يقل: من أدّاها حقّ أدائها، فيتّضح إذن أنّ الصلاة في أوّل الوقت تحقّق حضور القلب أيضاً».

وفي هذا القول إشارة إلى أنّ تجربة آية اللَّه بهجت واُستاذه الفاضل وهي «الالتزام بالصلاة في أوّل وقتها» تُهيّئ الأرضية لحضور القلب وبلوغ صفة الخشوع.

۲. عدم تفويت لحظات حضور القلب عمداً: سألت آية اللَّه بهجت رحمه اللّه : ما هو سبيل بلوغ حضور القلب في الصلاة؟ فقال: عملان يؤدّيان معاً:

أوّلاً : أن لا يكترث بالوساوس الشيطانية التي تحصل لا إرادياً.

ثانياً : عندما يحصل له حضور القلب في الصلاة ولو للحظة واحدة فعليه أن لا

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9960
صفحه از 523
پرینت  ارسال به