167
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

الصلاة وروحها، ومن دونهما تتحوّل الصلاة إلى جسد بلا روح، فلا تحظى بقبول اللَّه.

وبعبارة اُخرى: إنّ الصلاة عبادة ذات بُعدين: أحدهما جسمها، يبدأ بالتكبير وينتهي بالتسليم، والآخر روحها وهو ذكر اللَّه، فإذا جاء المصلّي بجسم الصلاة بنحو صحيح فإنّه يكون بذلك قد أدّى تكليفه، بمعنى أنّ صلاته صحيحة حسب الظاهر ولاحاجة له إلى الإعادة أو القضاء، ولكن قبولها وتمتّع المصلّي بآثار هذه الفريضة المباركة وبركاتها يعتمدان على انضمام روح الصلاة ( حضور القلب والخشوع) إلى جسمها.

واستناداً إلى أحاديث النبيّ صلى اللّه عليه و آله وأهل البيت عليهم السلام ،۱ فالصلاة تحظّى بقبول الحقّ تعالى بنفس مقدار حضور القلب فيها، وتُسجّل في سجل أعمال المصلّي ، يقول الإمام الصادق عليه السلام في هذا المجال:
اشغَل قَلبَكَ بِصَلاتِكَ؛ فإنّه لا يُقبَلُ مِن صَلاتِكَ إلّا ما أقبَلتَ عَلَيهِ مِنها بِقَلبِكَ، حَتّى أنَّهُ رُبَّما قُبِلَ مِن صَلاةِ العَبدِ رُبُعُها أو ثُلُثُها أو نِصفُها .۲

وحري بالذكر أنّ حضور القلب ليس إلّا واحداً من شروط قبول الصلاة، ورعاية الشروط الاُخرى لقبولها۳ ضرورية أيضاً لبلوغ هذا الهدف.

إرشادات لتحقيق الخشوع في الصلاة

سبقت الإشارة إلى أنّ الخشوع في الصلاة هو حصيلة حضور قلب المصلّي في محضر الجمال والجلال المطلقين، فنحن نقرأ في دعاء الصباح المنقول عن أمير المؤمنين عليه السلام:
واغرس اللَّهُمَّ بِعَظَمَتِكَ في شِربِ حَياتي يَنابيعَ الخُشوعِ .۴

1.راجع: ص ۳۲۰ ( مَن يُقبل بعض صلاته).

2.راجع: ح ۸۶۴.

3.راجع: ص ۳۲۱ (موجبات قبول الصلاة).

4.راجع: ح ۸۳۸.


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
166

ويقول في حديث آخر:
إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله رأى رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة، فخاطبه قائلاً: إنَّهُ لَو خَشَعَ قَلبُهُ لَخَشَعَت جَوارِحُهُ .۱

وأمّا الخشوع الظاهري من دون خشوع الباطن فغير مطلوبٍ، بل مذموم للغاية، كما قال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله :
إيّاكُم وتَخَشُّعَ النِّفاقِ : وهوَ أن يُرى الجَسَدُ خاشِعاً والقَلبُ لَيسَ بِخاشِعٍ .۲

وجاء في حديثٍ آخر عنه صلى اللّه عليه و آله :
وما زادَ خُشوعُ الجَسَدِ عَلى ما في القَلبِ فَهوَ عِندَنا نِفاقٌ .۳

وبناء على ذلك فخلاصة الكلام في تفسير الخشوع المطلوب في الصلاة هي أنّه الإحساس بالحضور في محضر اللَّه سبحانه بكلّ الوجود والتوجّه التامّ للقلب إلى ذاته الكبريائية، بحيث تظهر آثاره في أعضاء المصلّي وجوارحه.

نعم، لهذه الحقيقة مراتب يختصّ أعلاها بخاصّة أولياء اللَّه،۴ حيث يبلغون في حال الصلاة ذروة الانقطاع عن غير الباري تعالى، والالتفات التامّ إلى الحقّ، فيما يمكن للآخرين الاقتراب من هذه الذروة حسب مجاهدتهم وتزكيتهم لأنفسهم.

دور الخشوع في قبول الصلاة

أوضحنا فيما سبق أنّ مُخّ كلّ العبادات وروحها وجوهرها هو الذكر، وأنّ الصلاة أكمل مظاهر ذكر اللَّه. ومن الواضح أنّ ذكر اللَّه ليس إلّا الإحساس بالحضور في محضره. وبناءً على ذلك فإنّ حضور القلب في الصلاة والخشوع الذي هو حصيلته، يعدّان جوهر

1.راجع: ح ۴۲۷.

2.بحار الأنوار: ج ۷۷ ص ۱۶۴ ح ۱۸۸.

3.الكافي: ج ۲ ص ۳۹۶ ح ۶.

4.راجع : ص ۳۳۵ ( سيرة النبيّ صلى اللّه عليه و آله وأهل البيت عليهم السلام في الصلاة).

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9744
صفحه از 523
پرینت  ارسال به