ويقول في حديث آخر:
إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله رأى رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة، فخاطبه قائلاً: إنَّهُ لَو خَشَعَ قَلبُهُ لَخَشَعَت جَوارِحُهُ .۱
وأمّا الخشوع الظاهري من دون خشوع الباطن فغير مطلوبٍ، بل مذموم للغاية، كما قال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله :
إيّاكُم وتَخَشُّعَ النِّفاقِ : وهوَ أن يُرى الجَسَدُ خاشِعاً والقَلبُ لَيسَ بِخاشِعٍ .۲
وجاء في حديثٍ آخر عنه صلى اللّه عليه و آله :
وما زادَ خُشوعُ الجَسَدِ عَلى ما في القَلبِ فَهوَ عِندَنا نِفاقٌ .۳
وبناء على ذلك فخلاصة الكلام في تفسير الخشوع المطلوب في الصلاة هي أنّه الإحساس بالحضور في محضر اللَّه سبحانه بكلّ الوجود والتوجّه التامّ للقلب إلى ذاته الكبريائية، بحيث تظهر آثاره في أعضاء المصلّي وجوارحه.
نعم، لهذه الحقيقة مراتب يختصّ أعلاها بخاصّة أولياء اللَّه،۴ حيث يبلغون في حال الصلاة ذروة الانقطاع عن غير الباري تعالى، والالتفات التامّ إلى الحقّ، فيما يمكن للآخرين الاقتراب من هذه الذروة حسب مجاهدتهم وتزكيتهم لأنفسهم.
دور الخشوع في قبول الصلاة
أوضحنا فيما سبق أنّ مُخّ كلّ العبادات وروحها وجوهرها هو الذكر، وأنّ الصلاة أكمل مظاهر ذكر اللَّه. ومن الواضح أنّ ذكر اللَّه ليس إلّا الإحساس بالحضور في محضره. وبناءً على ذلك فإنّ حضور القلب في الصلاة والخشوع الذي هو حصيلته، يعدّان جوهر