11
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)

الصلاة أكمل مظاهر ذكر اللَّه‏

بما أنّ ذكر اللَّه هو الحكمة من وراء كلّ العبادات، فالتركيز على الصلاة بنحو خاصّ باعتبار أن الحكمة منها ذكر اللَّه، هو إشارة إلى أنّ الصلاة تُذكّر الإنسان باللَّه أكثر من أيّ عبادة اُخرى؛ أي إنّها أكمل مظاهر ذكر اللَّه ؛ ولذلك يقول سبحانه وتعالى مخاطباً موسى عليه السلام:
«إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَ أَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِي» .۱

الحكمة الموجزة للصّلاة

إنّ الصلاة التي تُذكّر باللَّه تعالى أكثر من أيّ عبادة اُخرى والتي تهيّئ في المقابل الأرضية لذكر اللَّه عبده، لا بدّ وأن يكون لها أهمّ دور في تكامل الإنسان وبناء المجتمع المثالي للإسلام؛ لأنّ ذكر اللَّه لعبده يتجسّد - كما سبقت الإشارة - في قالب التفضّل عليه بالنعمة والإحسان والرضوان ، ومن الواضح أنّ الإنسان الذي يحظى بمثل هذه العنايات من ربّه فإنّه يكون قد وجد طريق الهدى والتسامي والتكامل. وبناء على ذلك فإذا أردنا أن نبيّن الحكمة من الصلاة بعبارة موجزة فعلينا أن نذكر المقولة البديعة للعارف الواصل والمجاهد الكبير الإمام الخميني - رضوان اللَّه عليه - وهي:
إنّ الصلاة معمل لصناعة الإنسان .۲

ولذلك قال صادق آل محمّد صلى اللّه عليه و آله :
ما أعلَمُ شَيئاً بَعدَ المَعرِفَةِ أفضَلَ مِن هذِهِ الصَّلاةِ؛ ألا تَرى أنَّ العَبدَ الصّالِحَ عيسى ابنَ مَريَمَ عليه السلام قالَ: «وَ أَوْصَنِى بِالصَّلَوةِ وَ الزَّكَوةِ مَا دُمْتُ حَيًّا»۳ .۴

1.طه: ۱۴.

2.صحيفة الإمام: ج‏۱۲ ص ۳۹۲.

3.مريم: ۳۱.

4.راجع: ح‏۶۸.


الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
10

معطيات الذكر شمولية، وإنّ أكسير السعادة القيّم هذا هو مبدأ كلّ الآثار المادّية والمعنوية.

ولا شكّ في أنّ كلّ آثار ذكر اللَّه البنّاءة تتلخّص في هذه العبارة: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ»؛ لأنّ ذكر اللَّه تعالى لعبده لا يعني العلم بحاله ؛ إذ هو عليم دوماً بكلّ شي‏ء وبكلّ شخص، بل المراد من الذكر التفضّل عليه بالنعمة والإحسان والرضوان. وبالطبع فإنّ درجات النعمة والرحمة الإلهيتين المقابلتين للذكر تتناسب مع درجات ذكر الذاكر، فكلّما كان ذكر العبد لربّه أكثر عمقاً وكانت آثاره العملية أوسع، فإنّ الإحسان الإلهي المادّي والمعنوي سيشمل الذاكر أكثر. ونظراً لهذا الجزاء المضاعف للذاكرين يقول اللَّه تعالى:
«وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ» .۱

وحديث الإمام الباقر عليه السلام في تفسير هذه الآية هو تأكيد على أنّ ذكر اللَّه لعبده يعتبر أهمّ معطيات الذكر الإلهي، حيث يقول عليه السلام:
ذِكرُ اللَّهِ لأهلِ الصَّلاةِ أكبَرُ مِن ذِكرِهِم إيّاهُ، ألا تَرى أنَّهُ يَقولُ: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ»۲ .۳

1.العنكبوت: ۴۵.

2.راجع: ح‏۲۲۳.

3.استناداً لهذا التفسير فإنّ كلمة اللَّه في الآية: «وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ» فاعل ل «الذكر»، وفي هذه الحالة يكون معنى الآية هكذا: ذكر اللَّه لذاكره أكبر من ذكره من قبل الذاكر. ولهذه الآية تفسيرً آخر تعتبر كلمة اللَّه وفقاً له مفعولاً للذكر؛ أي إنّ ذكر اللَّه أكبر من الأعمال الاُخرى. قال العلّامة الطباطبائي في ذيل الآية المذكورة: تعتبر جملة «وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ» المثل السامي في تبيين آثار وبركات ذكر اللَّه في الصلاة، وكأنّه يقول: أقم الصلاة كي لا تنهاك عن الفحشاء والمنكر فحسب، بل ونتيجة لذكر اللَّه في هذه الفريضة الإلهيّة ستصيبك بركات عظيمة بحيث يعتبر النهي عن الفحشاء والمنكر بالنسبة لها شيئاً جزئياً. وبناء على ذلك فإنّ ذكر اللَّه في الصلاة أعظم خير وبركة يمكن أن يحصل الإنسان عليهما. وربما كان هذا التفسير مقبولاً، ولكنّ التفسير الأوّل يبدو مناسباً أكثر.

  • نام منبع :
    الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8214
صفحه از 523
پرینت  ارسال به