821
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

۲. الحكمة العمليّة

وتعني الحكمة العمليّة: البرنامج العملي للوصول إلى مرتبة الإنسان الكامل. وتُطلق هذه اللفظة في القرآن والحديث على العلم والعمل الّذي يقع مقدّمة لتكامل الإنسان مع هذا الفارق، وهو أنّ العلم يمثّل الدرجة الاُولى، والعمل يمثّل الدرجة الثانية. وقد أشارت الأحاديث الّتي فسّرت الحكمة بامتثال أوامر اللّه‏ سبحانه ومداراة الناس واجتناب المعاصي والمكر والحيلة إلى الحكمة العملية.

۳. الحكمة الحقيقيّة

الحكمة الحقيقيّة عبارة عن نورٍ وبصيرةٍ تحصل للإنسان عن طريق تطبيق الحكمة العمليّة في الحياة. والواقع هو أنّ الحكمة العلميّة مقدّمة للحكمة العمليّة، والحكمة العمليّة تمثّل نقطة البدء في الحكمة الحقيقيّة، وما لم يصل الإنسان إلى هذه المرتبة من الحكمة فلا يعدّ حكيماً حقيقة، وإن كان أكبر أساتذة الحكمة.

إنّ الحكمة الحقيقيّة فيالواقع هي عبارة عن جوهر العلم ونوره وعلم النور، ولذا تترتّب عليها خواصّ العلم الحقيقي وآثاره الّتي يأتي على رأسها خشية اللّه‏ ومخافته، كما جاء بذلك الذكر الحكيم بقوله: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَؤُا»۱.

إنّ الحكمة الحقيقيّة هي قوّة عقلية تضادّ الميول النفسانيّة، وكلّما اشتدّت هذه القوّة ضعفت في قبالها تلك الميول إلى أن تضمحلّ وتزول بشكلٍ تامّ، فيحيى العقل بشكلٍ كامل ويمسك بزمام الإنسان، وتتهيّأ الأرضية بعد ذلك لزوال واندثار كافّة القبائح من وجوده، فتكون الحكمة بالمآل ملازمة للعصمة ومقرونة بها، فتحصل بذلك صفة الحكيم والعالم الحقيقي للإنسان، ثمّ يصل ـ وهو في أعلى مراتب العلم والحكمة ـ إلى أرقى مراتب معرفة النفس ومعرفة اللّه‏ فينال بذلك مقام الإمامة۲.

1.. فاطر : ۲۸ .

2.. راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج۲ ص۷۳ القسم الخامس / الفصل الأوّل / تحقيق في معنى الحكمةوأقسامها .


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
820

أقسام الحكمة

في ضوء ما ذكرنا من التعريف العامّ للحكمة فإنّها تنقسم في النظرة القرآنية والحديثية إلى ثلاثة أقسام: الحكمة العلميّة، والحكمة العمليّة، والحكمة الحقيقيّة.

ويستند هذا التقسيم وهذه التسمية إلى تتبّع مواضع استعمالها في القرآن والحديث والتأمّل فيها.

ويعتبر كلّ واحدٍ من هذه الأقسام الثلاثة للحكمة (العلميّة والعمليّة والحقيقيّة) درجة في سُلّم الاستقامة والثبات يُستعان بها لنيل قمم الإنسانية الرفيعة. والملفت للنظر هو أن مؤسّس الدرجة الاُولى في هذا السُلّم (أعني الحكمة العلميّة) هم الرسل الإلهيّون، وأمّا الدرجة الثانية (وهي الحكمة العمليّة) فعلى الإنسان بناءها بنفسه، وأمّا الدرجة الأخيرة في سلّم الرقي إلى مقام الإنسان الكامل (الحكمة الحقيقيّة)، فإنّ اللّه‏ سبحانه هو الممهّد لها.

وفيما يلي بيان مقتضب لهذه الأنواع الثلاثة للحكمة:

۱. الحكمة العلميّة

المراد بالحكمة العلمية: عامّة المعارف والعلوم الّتي يحتاجها الإنسان في الارتقاء إلى مقام الإنسان الكامل. وبعبارة اُخرى فإنّ «الحكمة» تشمل العلم المرتبط بالعقائد والعلم المرتبط بالأخلاق والعلم المرتبط بالسلوك والعمل، ولذا أطلق القرآن لفظ الحكمة على البُعد العقائدي والأخلاقي والعملي عند استعراضه جملةً من التعاليم المتعلّقة بكلّ واحدٍ من هذه الأبعاد، فقال جلّ شأنه: «ذَ لِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ».۱

1.. راجع : الإسراء : ۳۹ وما قبلها .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15265
صفحه از 895
پرینت  ارسال به