المدخل
كلمة «الحكمة» لغةً مشتقّة من الجذر «حكم» بمعنى «المنع» ؛ وذلك لمنع الحكم بالعدل من الظلم. وسُمّي لجام الفرس وباقي الدوابّ بالحَكَمة ؛ لأنّها تمنعها عن الصعوبة، وسُمّي العلم بالحِكْمة ؛ لأنّها تمنع من الجهل.۱ ولهذا أيضا عُبّر عن كلّ أمر متقن بقولهم «مُحكم».۲
الحكمة في القرآن والحديث
لقد تكرّر لفظ الحكمة في القرآن الكريم في عشرين موضعاً، ووصف الباري جلّ شأنه ذاته بـ «الحكيم» في هذا الكتاب السماوي ۹۱ مرّة.۳
إنّ التأمّل في موارد استعمال هذه المفردة فيالنصوص الدينية يدلّنا على أنّ المقصود بها ـ من زاوية قرآنية وروائية ـ هو تلك المقدّمات العلميّة والعمليّة والنفسيّة المتقنة والمحكمة لنيل المقاصد الإنسانية السامية. وما المعنى الوارد في الأحاديث في تفسير الحكمة في حقيقته إلاّ مصداقاً من مصاديق هذا التعريف الكلّي.
1.. قال ابن فارس : الحاء والكاف والميم أصل واحد ، وهو المنع ، وأوّل ذلك الحكم ، وهو المنع من الظلم ، وسمّيت حكمة الدابّة لأنّها تمنعها . . . والحكمة هذا قياسها ؛ لأنّها تمنع من الجهل معجم مقاييس اللغة : ج ۲ ص ۹۱ .
2.. قال في الصحاح ج ۵ ص ۱۹۰۲ : «أحكمت الشيء فاستحكم ، أي صار محكماً» .
3.. تكرّر وصف «الحكيم» مقروناً بصفة «العليم» في القرآن في ۳۶ موضعاً ، كما اقترن مع صفة «العزيز» في ۴۷موضعاً ، ومع صفة «الخبير» في أربعة مواضع ، ومع كلٍّ من صفة «التوّاب» و«الحميد» و«العليّ» و«الواسع» مرّةً واحدةً .