وجاء في رواية اُخرى عنه عليهالسلام:
إنَّما اُمِرَ النّاسُ أن يَأتوا هذِهِ الأَحجارَ فَيَطوفوا بِها، ثُمَّ يَأتوا فَيُخبِرونا بِوَلايَتِهِم، ويَعرِضوا عَلَينا نُصرَتَهُم.۱
ويدلّ هذا النوع من الروايات بوضوح، على أنّ ولاية أهل البيت عليهالسلام هي روح الحجّ وحقيقته، وأنّ الحجّ لا يعتبر حقيقيّاً من دون الارتباط بقيادة الإمام العادل، والبراءة من رؤوس الشرك المهيمنين على المجتمع.
ويمكننا الآن بعد الالتفات إلى الإيضاحات المذكورة، أن ندرك سرّ الفضائل الكبيرة التي رويت لزيارة سيّد الشهداء، ولماذا عدّت زيارته النابعة عن معرفته، أفضل من الحجّ المستحبّ، ولماذا عدّت زيارة سائر الأئمّة معادلة لزيارته، ولماذا كانت زيارة الإمام الرضا عليهالسلام أفضل من زيارة الإمام الحسين عليهالسلام في الظروف الاجتماعيّة الخاصّة التي لا يزوره فيها إلاّ خواصّ الشيعة.
وفي الحقيقة، فإنّ جميع هذه الروايات تهدف إلى أن تربط الحجّ بحقيقته، وتهيّئ المسلمين لإقامة حكومة قائمة على القيم التوحيديّة، وتعدّ الأرضيّة لإقامة حكومة الإسلام العالميّة بقيادة مهديّ آل محمّد صلىاللهعليهوآله.
وبعبارة اُخرى، فإنّ الرسالة السياسيّة لجميع هذه الروايات، هي تهيئة الأرضيّة والتمهيد لدولة أهل البيت، ويمكننا إدراك هذه الرسالة بزيارتنا قبور جميع أهل بيت الرسالة، إذا كانت مقرونة بالمعرفة، نعم قد تتمتّع زيارة بعض الأئمّة في بعض المراحل التاريخية الخاصّة، بفضيلة أكبر بسبب تأثيرها الأكبر، ولكن الذي يبدو هو أنّ زيارة أيّ واحد من الأئمّة ليس لها تأثير بقدر زيارة سيّد الشهداء، في إقامة الحكومة الدينيّة ؛ ولذلك ورد التأكيد على زيارته والتوصية بها أكثر من أي إمام آخر.