777
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

وجاء في رواية اُخرى عنه عليه‏السلام:

إنَّما اُمِرَ النّاسُ أن يَأتوا هذِهِ الأَحجارَ فَيَطوفوا بِها، ثُمَّ يَأتوا فَيُخبِرونا بِوَلايَتِهِم، ويَعرِضوا عَلَينا نُصرَتَهُم.۱

ويدلّ هذا النوع من الروايات بوضوح، على أنّ ولاية أهل البيت عليه‏السلام هي روح الحجّ وحقيقته، وأنّ الحجّ لا يعتبر حقيقيّاً من دون الارتباط بقيادة الإمام العادل، والبراءة من رؤوس الشرك المهيمنين على المجتمع.

ويمكننا الآن بعد الالتفات إلى الإيضاحات المذكورة، أن ندرك سرّ الفضائل الكبيرة التي رويت لزيارة سيّد الشهداء، ولماذا عدّت زيارته النابعة عن معرفته، أفضل من الحجّ المستحبّ، ولماذا عدّت زيارة سائر الأئمّة معادلة لزيارته، ولماذا كانت زيارة الإمام الرضا عليه‏السلام أفضل من زيارة الإمام الحسين عليه‏السلام في الظروف الاجتماعيّة الخاصّة التي لا يزوره فيها إلاّ خواصّ الشيعة.

وفي الحقيقة، فإنّ جميع هذه الروايات تهدف إلى أن تربط الحجّ بحقيقته، وتهيّئ المسلمين لإقامة حكومة قائمة على القيم التوحيديّة، وتعدّ الأرضيّة لإقامة حكومة الإسلام العالميّة بقيادة مهديّ آل محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

وبعبارة اُخرى، فإنّ الرسالة السياسيّة لجميع هذه الروايات، هي تهيئة الأرضيّة والتمهيد لدولة أهل البيت، ويمكننا إدراك هذه الرسالة بزيارتنا قبور جميع أهل بيت الرسالة، إذا كانت مقرونة بالمعرفة، نعم قد تتمتّع زيارة بعض الأئمّة في بعض المراحل التاريخية الخاصّة، بفضيلة أكبر بسبب تأثيرها الأكبر، ولكن الذي يبدو هو أنّ زيارة أيّ واحد من الأئمّة ليس لها تأثير بقدر زيارة سيّد الشهداء، في إقامة الحكومة الدينيّة ؛ ولذلك ورد التأكيد على زيارته والتوصية بها أكثر من أي إمام آخر.

1.. علل الشرائع: ص ۴۵۹ ح ۴، عيون أخبار الرضا عليه‏السلام: ج ۲ ص ۲۶۲ ح ۳۰.


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
776

يحضّ ويشجّع الناس على القيام بها من خلال مضاعفة الثواب.

۳. لفت الانتباه إلى حقيقة الحجّ

تتمثّل الملاحظة الأهمّ في الروايات التي اعتبرت زيارة الإمام الحسين عليه‏السلام أفضل من الحجّ، في لفت انتباه المسلمين إلى روح الحجّ وحقيقته.

فروح جميع العبادات ـ والتي يعتبر الحجّ أكثرها شموليّة ـ هو حاكميّة النظام القائم على التوحيد بقيادة الإمام العادل في المجتمع، ففي ظلّ هذا النظام وحده يمكن للقيم الإلهيّة أن تتحقّق وتسمو، وكما روي عن الإمام الرضا عليه‏السلام، فإنّ إمامة الإمام العادل يعتبر أساس سموّ الإسلام:

إنَّ الإِمامَةَ اُسُّ الإِسلامِ النّامي.۱

وعلى هذا الأساس، فإنّ قيادة الإمام العادل التي هي مظهر هيمنة التوحيد، هي روح الحجّ وجوهره وحقيقته، والحجّ لا يكون حقيقيّا إلاّ عندما يؤدّى في ظلّ قيادة الإمام العادل، والبراءة من قيادة الحكّام الجائرين الذين يمثّلون هيمنة الشرك والطاغوت ؛ ذلك لأنّ الحجّ برمّته تلبية لوحدانيّة اللّه‏ سبحانه وتعالى، والبراءة من مطلق الشرك والمشرك، وبذلك فإنّ الحجّ الذي لا يرتبط بالنظام التوحيديّ والإمامة ـ التي هي مظهره ـ ليس حجّاً حقيقيّاً، بل هو حجّ الجاهليّة، كما روى المحدّث الكبير ثقة الإسلام الكليني عن أحد أصحاب الإمام الباقر عليه‏السلام ويُدعى فضيلاً، حيث قال:

نَظَرَ (أبو جَعفَرٍ عليه‏السلام) إلَى النّاسِ يَطوفونَ حَولَ الكَعبَةِ، فَقال: هكَذا كانوا يَطوفونَ فِي الجاهِلِيَّةِ، إنَّما اُمِروا أن يَطوفوا بِها، ثُمَّ يَنفِروا إلَينا فَيُعلِمونا وَلايَتَهُم ومَوَدَّتَهُم، ويَعرِضوا عَلَينا نُصرَتَهُم.۲

1.. الكافي: ج ۱ ص ۲۰۰ ح ۱ ، عيون أخبار الرضا عليه‏السلام: ج ۱ ص ۲۱۸ ح ۱ .

2.. الكافي: ج ۱ ص ۳۹۲ ح ۱ ، تأويل الآيات: ج ۱ ص ۳۳۶ ح ۹.

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14529
صفحه از 895
پرینت  ارسال به