ما ذكرناه حتّى الآن كان نظرة سريعة إلى سيرة الأئمّة عليهمالسلام فيما يتعلّق بثورة الإمام الحسين عليهالسلام على مستوى الأقوال والأفعال والترغيب، ويمكن تقسيم ما ذُكر حتّى الآن تحت عنوانين رئيسيّين:
الأوّل: السعي من أجل إبراز أهمّية العزاء والحداد على الإمام عليهالسلام.
الثاني: تكريم يوم عاشوراء وإقامة العزاء فيه.
المرحلة الثالثة (مراسم العزاء إلى ما قبل اكتسابها الطابع الرسمي في أواسطالقرن الرابع الهجري)
تولّى الإمام الجواد عليهالسلام الإمامة في طفولته (عام ۲۰۳ ه)، وقد انتهى جهاز الحكم العبّاسي الظالم من خلال تجربته مع خلفيّات مواقف الأئمّة عليهمالسلام وماضيهم، إلى أن يواصل مراقبة الأئمّة عليهمالسلام، وكان قد صعّد هذه المراقبة من خلال دعوة الإمام الرضا عليهالسلام إلى مرو. وها هو الآن يكرّس كلّ جهوده من أجل أن يفصم عرى الأواصر الفكريّة والإرشاديّة للشيعة عن مركز السعي والنشاط والحركة ؛ أي الإمام عليهالسلام.
وفي قبال ذلك فقد اهتمّ الأئمّة عليهمالسلام بنظام الوكالة الذي تمّ تأسيسه في عهد الإمام الباقر والإمام الصادق عليهماالسلام، فوسّعوا نطاقها، بحيث كانوا ينقلون إلى الشيعة ما يرونه واجباً وأساسيّاً في الهداية. وكان الشيعة أيضاً قد عملوا على تنظيم صفوفهم استناداً إلى هذه التعاليم، وكانوا يرسّخون علاقتهم مع العلماء والمفكّرين الذين كانوا قد تخرّجوا من مدرسة الأئمّة عليهمالسلام ويواصلون حياتهم الدينيّة. وهكذا، فقد كان ارتباط الشيعة في الغالب مع العلماء ؛ نظراً إلى أوضاع المجتمع من جهة.
ومن جهة اُخرى فإنّ الأئمّة عليهمالسلام كانوا تحت المراقبة الشديدة والحصار، ولهذا فإنّ ارتباطهم بالشيعة كان ضعيفا، وعلى هذا فمن الواضح أنّ التاريخ سوف لا يستعرض من أقوالهم وسيرتهم حول «إقامة العزاء في عاشوراء»، وخاصّة في عهد المتوكّل، حيث بلغ الاختناق العامّ ذروته وخاصّة فيما يتعلّق بالذهاب إلى كربلاء