733
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

ما ذكرناه حتّى الآن كان نظرة سريعة إلى سيرة الأئمّة عليهم‏السلام فيما يتعلّق بثورة الإمام الحسين عليه‏السلام على مستوى الأقوال والأفعال والترغيب، ويمكن تقسيم ما ذُكر حتّى الآن تحت عنوانين رئيسيّين:

الأوّل: السعي من أجل إبراز أهمّية العزاء والحداد على الإمام عليه‏السلام.

الثاني: تكريم يوم عاشوراء وإقامة العزاء فيه.

المرحلة الثالثة (مراسم العزاء إلى ما قبل اكتسابها الطابع الرسمي في أواسط‏القرن الرابع الهجري)

تولّى الإمام الجواد عليه‏السلام الإمامة في طفولته (عام ۲۰۳ ه)، وقد انتهى جهاز الحكم العبّاسي الظالم من خلال تجربته مع خلفيّات مواقف الأئمّة عليهم‏السلام وماضيهم، إلى أن يواصل مراقبة الأئمّة عليهم‏السلام، وكان قد صعّد هذه المراقبة من خلال دعوة الإمام الرضا عليه‏السلام إلى مرو. وها هو الآن يكرّس كلّ جهوده من أجل أن يفصم عرى الأواصر الفكريّة والإرشاديّة للشيعة عن مركز السعي والنشاط والحركة ؛ أي الإمام عليه‏السلام.

وفي قبال ذلك فقد اهتمّ الأئمّة عليهم‏السلام بنظام الوكالة الذي تمّ تأسيسه في عهد الإمام الباقر والإمام الصادق عليهماالسلام، فوسّعوا نطاقها، بحيث كانوا ينقلون إلى الشيعة ما يرونه واجباً وأساسيّاً في الهداية. وكان الشيعة أيضاً قد عملوا على تنظيم صفوفهم استناداً إلى هذه التعاليم، وكانوا يرسّخون علاقتهم مع العلماء والمفكّرين الذين كانوا قد تخرّجوا من مدرسة الأئمّة عليهم‏السلام ويواصلون حياتهم الدينيّة. وهكذا، فقد كان ارتباط الشيعة في الغالب مع العلماء ؛ نظراً إلى أوضاع المجتمع من جهة.

ومن جهة اُخرى فإنّ الأئمّة عليهم‏السلام كانوا تحت المراقبة الشديدة والحصار، ولهذا فإنّ ارتباطهم بالشيعة كان ضعيفا، وعلى هذا فمن الواضح أنّ التاريخ سوف لا يستعرض من أقوالهم وسيرتهم حول «إقامة العزاء في عاشوراء»، وخاصّة في عهد المتوكّل، حيث بلغ الاختناق العامّ ذروته وخاصّة فيما يتعلّق بالذهاب إلى كربلاء


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
732

وأن تُعدّ مصيبة هذا اليوم مهمّة للغاية، وأن يسعى المؤمنون من أجل إحياء هذه الذكرى ؛ ولذلك كان يوصي المؤمنين أن يجلسوا للعزاء في يوم عاشوراء، وأن يزوروا مرقد سيّد الشهداء إن أمكنهم ذلك، ويرتدوا ملابس العزاء، وأن يصوّروا في أذهانهم حادثة كربلاء الأليمة والمدهشة، وأن يتذكّروا ذلك اليوم ويقيموا العزاء حتّى وإن كانوا لوحدهم، وأن يمسكوا عن اللذائذ وتناول الأطعمة اللّذيذة.

أوليس كلّ هذا يفوق حدّ التذكير بقصّة مؤلمة وحزينة؟ إنّ عاشوراء تعني في سيرة الأئمّة عليهم‏السلام الاضطلاع بمسؤوليّة ثقافة بأكملها، فحادثة عاشوراء تمثّل مدرسة، لا مجرّد حادثة مثيرة للأححزان والأسف وما إلى ذلك.

ثالثا: عهد الإمام الكاظم والإمام الرضا عليهماالسلام و توسيع مراسم العزاء

يعدّ عهد الإمام الكاظم عليه‏السلام من العهود التي تستحقّ الاهتمام والتأمّل الكبيرين من الناحيتين السياسيّة والثقافيّة، وفي الحقيقة فإنّ عهد الإمام الكاظم عليه‏السلام هو عهد وقف فيه الشيعة على أعتاب نهضة شاملة. ولذلك فإنّ تعاليم الإمام الكاظم عليه‏السلام من شأنها أن تثير الوعي واليقظة.

إنّ الإمام الكاظم عليه‏السلام كان يجسّد حزنه منذ بداية محرّم، وكان يواصله حتّى يوم عاشوراء، وبذلك فقد أسّس سنّة العزاء في العشرة الاُولى من محرّم، وعلّم الشيعة في الحقيقة أدب إقامة العزاء في يوم عاشوراء. وقد أظهر الإمام عليه‏السلام بهذا الاتّجاه أنّ على المؤمنين أن يتهيّؤوا لاستقبال عاشوراء، وأن يهتمّوا بهذا الحدث المهمّ قبل حلول ذكراه بعدّة أيام، ويعيشوه وهم في ذروة الحزن.

وكان الإمام الرضا عليه‏السلام أيضاً ـ والذي كانت له منزلة ومكانة سامية من الناحية السياسيّة والثقافيّة، وأدّت مكانته الظاهريّة الرفيعة إلى نفوذ كلامه أكثر ـ يولّي هذا الحدث الأهميّة القصوى، ويبصّر الشيعة بأهمّية محرّم وعشرته الاُولى، ويسعى من أجل الترويج لحادثة كربلاء من خلال بيان سيرة أبيه عليه‏السلام.

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14441
صفحه از 895
پرینت  ارسال به