۶. البدعة في كيفية إقامة شعائر العزاء
إنّ الآفات التي ذكرناها حتّى الآن كانت تهدّد مضامين مجالس العزاء على سيّد الشهداء، وهناك عددٌ من الآفات ذات علاقة بشكل العزاء وكيفيّته.
وكما هو معلومٌ فإنّ العبادات من الناحية الفقهية ـ سواء الواجبة أو المستحبّة ـ توقيفيةٌ ؛ بمعنى أنّ أصل العبادة وكيفيتها يجب أن يتمّ إثباتهما بواسطة الأدلّة الشرعية، وإلاّ فإنّ العمل الذي يؤدّى باعتباره عبادة دون دليل شرعيّ يعدّ بدعةً، وليس مَنهيّا عنه فحسب، بل هو محرّمٌ أيضا.
وإنّ استحباب إقامة العزاء على سيّد الشهداء ثابتٌ وفق الأدلّة الأكيدة والمُسلّم بها، ونظراً إلى آثارها وبركاتها الفردية والاجتماعية فإنّها تعتبر من أفضل العبادات. وأمّا فيما يتعلّق بكيفية أداء هذه العبادة، فإنّ المعيار هو كونها من مراسم العزاء التي كانت متداولة في عصر صدور الروايات المتعلّقة بشعائر إقامة العزاء، بل يمكن القول إنّ إطلاق هذه الروايات يشمل أنواع شعائر العزاء المتداولة في العصور المختلفة أيضاً، شريطة أن يصدُق على ما هو شائع منها إقامة العزاء، وأن لا يؤدّي إلى الاستهانة بمذهب أهل البيت، وأن لا يقترن بعمل محرّم.
وبناءً على ذلك، فإنّ ما أصبح رائجا في عدد من مجالس العزاء بالتدريج، مثل: استخدام الآلات الموسيقية والألحان المطربة، وتشبّه الرجال بالنساء، وكذلك ضرب الرؤوس بالقامات (السيوف)، كلّ ذلك يُعدّ بدعةً في إقامة شعائر العزاء. وخاصّة ضرب الرؤوس بالقامات، حيث أدّى في عصرنا الحاضر إلى استغلاله في الإعلام المضادّ لمذهب ومدرسة أهل البيت عليهمالسلام والاستهانة بها، يقول سماحة قائد الثورة آية اللّه الخامنئي في هذا المجال:
إنّ (ضرب الرؤوس) بالقامات هو من المحرّمات... ولا يمكن السكوت إزاء هذا العمل الخاطئ المتمثّل في أن يعمد البعض إلى حمل القامات ليضربوا بها رؤوسهم ويريقوا الدماء، فأيّ شيء في هذه الممارسة عزاء؟! نعم ضرب الرؤوس بالأيدي