نموذج من المراثي الكاذبة من وجهة نظر المحدّث النوري
والآن نلفت الانتباه إلى بعض النماذج من هذه الأكاذيب المختلقة في المراثي والتي ذكرها المحدّث النوري في كتاب اللؤلؤ والمرجان.
۱. إتيانُ أبي الفضل بالماء لسيّد الشهداء عليهالسلام أيام طفولته
النموذج الأوّل للأككاذيب في قراءة المراثي، يتمثّل في القصّة التي ذكرها المحدّث النوري في كتابه باعتبارها نموذجاً آخر من اختلاق الأكاذيب، ويقول الشهيد المطهّري: إنّي سمعتها كراراً. وهذه القصّة المنتحلة هي:
كان أمير المؤمنين عليهالسلام يخطب على المنبر، فطلب الحسينُ ماءً، فأمر أميرُالمؤمنين قنبراً بأن يأتي له بالماء، وكان العبّاس طفلاً آنذاك، فلمّا سمع بعطش أخيه أسرع إلى اُمّه وجاء بالماء في قدحٍ وضعه على رأسه، وكان الماء يتصابّ من جوانبه، فدخل المسجد على هذه الهيئة، فلمّا رآه أمير المؤمنين بكى وقال: اليوم هكذا وفي يوم عاشوراء كذا، ثمّ ذكر شيئاً من مصائبه....۱
وبعد أن يشير المحدّث النوري إلى هذه القصّة المختلقة، يقول في الاستدلال على انتحالها:
كانت هذه القصّة في الكوفة طبعاً، ولو كانت في المدينة لكانت في بداية خلافته عليهالسلام ؛ ذلك لأنّه لم يكن له منبر أو مسجد قبل ذلك. وكان عمر أبي عبد اللّه عليهالسلام آنذاك يربو على الثلاثين، وإظهار الإنسان العطش في ذلك المجلس العامّ والتكلّم أثناء الخطبة مكروه أو حرام، وهو لا يتناسب مع منصب الإمامة، بل مع الدرجة الاُولى من العدالة، بل مع العادات والآداب الإنسانيّة المتعارف عليها.۲
ويضيف المحدّث النوري ـ من أجل بيان انتحال هذه القصّة ـ أنّه لمّا كان حبل