685
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

عاشوراء أكثر من مصيبة عاشوراء نفسها؛ ذلك لأنّ هذه المصيبة توجب تضييع النهضة الحسينية المقدّسة!

الكذب في قراءة المراثي في العصور السابقة

يمكن القول بأنّ آفة الكذب دخلت ساحة قراءة المراثي منذ تأليف كتاب روضة الشهداء ؛ أي حوالي سنة ۹۰۰ للهجرة، واتّسعت رقعة هذه الآفة تدريجيّاً بحيث إنّ المحدّث النوري شعر بخطر انتشار هذه الآفة في أوائل القرن الرابع عشر، ممّا دعاه إلى تأليف كتابه اللؤلؤ والمرجان۱ باقتراح من أحد علماء الهند، حيث يبيّن في بدايته الدافع الذي دفعه لتأليف الكتاب قائلاً:

إنّ سماحة العالم العامل الجليل الفاضل الكامل.. السيّد محمد مرتضى الجونبوري الهندي أيّده اللّه‏ تعالى شكا لي كراراً ـ من الهند ـ القرّاء ومنشدي المراثي في تلك البلاد، حيث يجرؤون على الكذب، ويصرّون على نشر الأكاذيب والأباطيل، بل إنّهم كادوا أن يُجوّزوها ويعتبروها مباحة وخارجة عن دائرة العصيان والقبح لأنّها سببٌ لإبكاء المؤمنين!

وقد أمرني بكتابة شيء في هذا المجال على سبيل الموعظة والجدال بالتي هي أحسن، علّها تؤدّي إلى تنبيههم وكفّهم عن هذه القبائح. ويبدو أنّ سماحته يظنّ أنّ المدن المقدّسة في العراق وإيران آمنةٌ من هذه المصيبة وأنّها غير ملوّثة بالكذب والافتراء، وأنّ هذا الفساد في الدين منحصر في تلك البلاد، غافلاً عن أنّ نشر الخراب تمتدّ جذوره في مركز العلم وحوزة أهل الشرع في العتبات المشرّفة، فلو أنّ أهل العلم لم يتسامحوا في ذلك وميّزوا الصحيح من السقيم والصدق من الكذب في كلام هذه الطائفة، ونهوا هؤلاء عن قول الأكاذيب، لما بلغ الفساد هذا المبلغ!۲

1.. يقول الاُستاذ المطهّري حول هذا الكتاب: رغم أنّه كتاب صغير، إلاّ أنّه ممتاز للغاية.. وأنا لا أتصوّر أنّ هناك كتاباً فصّل القول حول الكذب وأنواعه كما نرى في هذا الكتاب ، وربّما لا يوجد لهذا الكتاب نظير في العالم حماسه حسينى «بالفارسيّة» : ج ۱ ص ۱۹.

2.. لؤلؤ ومرجان بالفارسيّة : ص ۴.


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
684

وثانيها التَّقصيرُ في أمرِنا، وثالِثُها التَّصريحُ بِمَثالِبِ أعدائِنا، فَإِذا سَمِعَ النّاسُ الغُلُوَّ فينا كَفَّروا شيعَتَنا ونَسَبوهُم إلى القَولِ بِرُبوبِيَّتِنا، وإذا سَمِعوا التَّقصيرَ اعتَقَدوهُ فينا، وإذا سَمِعوا مَثالِبَ أعدائِنا بِأَسمائِهِم ثَلَبونا بِأَسمائِنا.۱

وبنبغي العلم أنّ الذين يُنزلون أهل البيت عليهم‏السلام منزلة لا تنبغي إلاّ للّه‏ عزّوجلّ في مجالس العزاء، وبدلاً من اتّخاذ اللّه‏ تعالى مِحوراً لمجلس الإمام الحسين عليه‏السلام وربط القلوب باللّه‏ عز و جل عن طريق أهل البيت عليهم‏السلام الذين هم أبواب اللّه‏ يدعون الناس إلى «الحسين الإلهي» و«زينب الإلهية»، أو نراهم يعمدون أحيانا إلى الحطّ من قدر الأنبياء من أجل تكريم أهل البيت، فهؤلاء يخدمون أهداف أعداء أهل البيت سواءً علموا بذلك أم جهلوا، وسيّد الشهداء عليه‏السلام بريء منهم.۲

۵. الكذب

يعدّ الكذب على اللّه‏ ورسوله وأهل البيت عليهم‏السلام من أقبح الكذب وأخطره،۳ حيث يعتبر من الكبائر ويؤدّي إلى بطلان الصوم.۴

إنّ قُرّاء المراثي الحسينيّة الذين ينسبون كلاماً مّا إلى اللّه‏ أو إلى أهل البيت عليهم‏السلام دون الاستناد إلى حجّة شرعية، لا يعدّون من خدام الإمام الحسين عليه‏السلام وذاكريه فحسب، بل عليهم أن يعلموا بأنّ عملهم كبيرة من الكبائر.

ومن الصعب على الكثير من الناس أن يصدّقوا هذه الحقيقة، وهي أنّ بعض قرّاء المراثي يسردون مصائب كاذبة! إلاّ أنّه يجب الاعتراف ـ وبكلّ أسف ـ بهذه الحقيقة المرّة، بل ينبغي البكاء على هذه المصيبة الكبرى التي ابتُلي بها تاريخ

1.. عيون أخبار الرضا عليه‏السلام : ج ۱ ص ۳۰۴ ح ۶۳ ، بشارة المصطفى : ص ۲۲۱ .

2.. لمزيد من الاطّلاع على خطر الغلوّ بشأن أهل البيت عليهم‏السلام راجع: كتاب أهل البيت عليهم‏السلام في الكتاب والسنّةالقسم الثالث عشر : الغلوّ في أهل البيت وراجع أيضا : جامعه‏شناسى تحريفات عاشوراء (بالفارسيّة).

3.. راجع : كتاب اللؤلؤ والمرجان «المقام الرابع» للتعرّف على أقسام الكذب.

4.. راجع : الكافي : ج ۲ ص ۳۴۰ ح ۹ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14497
صفحه از 895
پرینت  ارسال به