683
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

فتصفّحت بعض أوراقه دون هدى، فخطرت على بالي أثناء ذلك حيلةٌ اُخرى، فقلت: لقد رأيته في مقتل الحاج الملاّ صالح البرغاني، فأمر أحد الخدّام بأن يذهب إليه ويأتي بالكتاب، فذهب وقال: كان الحاج المذكور الشخص السادس أو السابع من الصفّ السادس أو السابع، فالتقط الكتاب بنفسه وجاء به، فأمرني بأن أجد تلك الفقرة من ذلك الكتاب.

فعاودني الخوف، وشعرت بالاضطراب، واُغلقت في وجهي جميع سبل الخلاص. كنت أتصفح الكتاب دون طائل بقلب سيطر عليه الخوف.

إلى أن ذكر بأنّه حينما استيقظ جمع طائفة من الخطباء ونقل ماكان رآه في النوم قائلاً:

أنا لا أرى نفسي مؤهّلاً بعد هذا لأداء حقّ الخطابة الحسينيّة، ولذلك سأتركها، وينبغي على من يصدّقني أن يكفّ عنها هو أيضاً.

وهكذا فإنّه غضّ النظر عن قراءة المراثي وأقلع عنها، على الرغم ممّا كانت تدرّ عليه من مبالغ كبيرة.۱

۴. الغلوّ

كما أنّ نقل الروايات المشينة بأهل البيت عليهم‏السلام و التي تحُطّ من قدرهم، من آفات مجالس العزاء، كذلك الغلوّ وهو رفع أهل البيت عليهم‏السلام إلى مكانة تفوق منزلتهم هو آفة لها أيضا، وللأسسف الشديد فإنّنا نرى كلا الأمرين في بعض هذه المجالس.

نقل شيخ المحدّثين ابن بابويه رواية عن الإمام الرضا عليه‏السلام تدلّ على أنّ الغلوّ ماهو إلاّ مؤامرة مدروسة أعدّها أعداء أهل البيت عليهم‏السلام بهدف تشويه صورتهم في أنظار الناس، وعزل أهل بيت الرسالة عن الناس. وهذا هو نصّ كلام الإمام عليه‏السلام:

إنَّ مخالِفينا وَضَعوا أخبارا في فَضائِلِنا وجَعَلوها عَلى ثَلاثَةِ أقسامٍ: أحَدُها الغُلُوُّ،

1.. لؤلؤ ومرجان: بالفارسيّة : ص ۲۷۰.


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
682

قبلي جمع من المذنبين، ورأيت الموكّلين وقد ابتعدا عن الصرح وهما لا يستطيعان التقرّب منه، وكانا يسيران معنا على نفس المسافة من البُعد عنّا، فتوسّلا إلينا بالإشارة أن نعود فرفضنا، وحينئذٍ لوّحا لنا بالتهديد، وعندما رأينا أنّنا في حصن منيعٍ هدّدناهما نحن أيضاً، وكنّا نسير بنفس قوّة القلب هذه، وإذا برسول يأتي من جانب النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وقال لتلك السيّدة العظيمة: إنّ جمعاً من مذنبي الاُمّة قد لجؤوا إليك فأرسليهم كي نحاسبهم، فأشارت تلك المخدّرة فقدِم الموكّلون من كلّ صوب واقتادونا إلى موقف الحساب.

فرأينا هناك منبراً شاهق الارتفاع له درجات كثيرة وقد جلس في أعلاه سيّد الأنبياء صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وكان أمير المؤمنين عليه‏السلام واقفاً على الدرجة الاُولى ومنشغلاً بحساب الخلائق وقد اصطفّوا أمامه، وعندما حلّ دور حسابي خاطبني بلهجة اللوم والتوبيخ وقال: لماذا قرأت ما يشين ابني الحسين في خطبتك ونسبت إليه الذلّة والهوان ؟ فتحيّرت في الجواب ولم أجد بدّاً من الإنكار فأنكرت، فشعرت بألم في ذراعي وكأن مسماراً حديديّاً غرس فيه، فالتَفتّ فرأيتُ رجلاً استخرج طوماراً من يده فناولني إيّاه، ففتحته وكان فيه كلّ ما كنت قرأته في كلّ مكان وزمان ومن جملته ذلك الموضع الذي سُئلت عنه.

فخطرت على بالي حيلة اُخرى، وقلت: لقد ذكرها المجلسي رحمه‏الله في المجلّد العاشر من البحار! فقال لأحد الخدّام الحاضرين: اذهب وخذ من المجلسي ذلك الكتاب، فالتفتُّ فرأيت صفوفاً كثيرة على الجانب الأيمن من المنبر ؛ أوّلها إلى جانب المنبر ولا يعلم آخرها إلاّ اللّه‏، وكلّ عالمٍ قد وضع مؤلّفاته بين يديه، وكان المجلسي رحمه‏اللهالشخص الأوّل في الصفّ الأوّل، وعندما أبلغ رسول النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الرسالة إليه، تناول الكتاب من بين الكتب وناوله إيّاه فجاء به، فأشار بأن يناولنيه فأخذتُه وغُصت في بحر من الحيرة ؛ ذلك لأنّ هدفي من تلك الحيلة والافتراء كان التخلّص من تلك المعضلة !

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14567
صفحه از 895
پرینت  ارسال به