فتصفّحت بعض أوراقه دون هدى، فخطرت على بالي أثناء ذلك حيلةٌ اُخرى، فقلت: لقد رأيته في مقتل الحاج الملاّ صالح البرغاني، فأمر أحد الخدّام بأن يذهب إليه ويأتي بالكتاب، فذهب وقال: كان الحاج المذكور الشخص السادس أو السابع من الصفّ السادس أو السابع، فالتقط الكتاب بنفسه وجاء به، فأمرني بأن أجد تلك الفقرة من ذلك الكتاب.
فعاودني الخوف، وشعرت بالاضطراب، واُغلقت في وجهي جميع سبل الخلاص. كنت أتصفح الكتاب دون طائل بقلب سيطر عليه الخوف.
إلى أن ذكر بأنّه حينما استيقظ جمع طائفة من الخطباء ونقل ماكان رآه في النوم قائلاً:
أنا لا أرى نفسي مؤهّلاً بعد هذا لأداء حقّ الخطابة الحسينيّة، ولذلك سأتركها، وينبغي على من يصدّقني أن يكفّ عنها هو أيضاً.
وهكذا فإنّه غضّ النظر عن قراءة المراثي وأقلع عنها، على الرغم ممّا كانت تدرّ عليه من مبالغ كبيرة.۱
۴. الغلوّ
كما أنّ نقل الروايات المشينة بأهل البيت عليهمالسلام و التي تحُطّ من قدرهم، من آفات مجالس العزاء، كذلك الغلوّ وهو رفع أهل البيت عليهمالسلام إلى مكانة تفوق منزلتهم هو آفة لها أيضا، وللأسسف الشديد فإنّنا نرى كلا الأمرين في بعض هذه المجالس.
نقل شيخ المحدّثين ابن بابويه رواية عن الإمام الرضا عليهالسلام تدلّ على أنّ الغلوّ ماهو إلاّ مؤامرة مدروسة أعدّها أعداء أهل البيت عليهمالسلام بهدف تشويه صورتهم في أنظار الناس، وعزل أهل بيت الرسالة عن الناس. وهذا هو نصّ كلام الإمام عليهالسلام:
إنَّ مخالِفينا وَضَعوا أخبارا في فَضائِلِنا وجَعَلوها عَلى ثَلاثَةِ أقسامٍ: أحَدُها الغُلُوُّ،