ألا وإنَّ الدَّعِيَّ ابنَ الدَّعِيِّ قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتَينِ ؛ بَينَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ، وهَيهاتَ مِنّا الذِّلَّةُ، يَأبَى اللّهُ لَنا ذلِكَ ورَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ، وحُجورٌ طابَت، وحُجورٌ طَهُرَت، واُنوفٌ حَمِيَّةٌ ونُفوسٌ أبِيَّةٌ، مِن أن تُؤثَرَ طاعَةُ اللِّئامِ عَلى مَصارِعِ الكِرامِ.۱
كما قال ـ مجيباً للقائلين له: لا نخلّيك حتّى تضع يدك في يد عبيد اللّه بن زياد ـ:
لا وَاللّهِ، لا اُعطي بِيَدي إعطاءَ الذَّليلِ، ولا أفِرُّ فِرارَ العَبيدِ، «إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَ رَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ»،۲ «إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَ رَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ» ۳.۴
وبناءً على ذلك ؛ فإنّ كلّ روايةٍ عن تاريخ عاشوراء تدلّ على قبوله الذلّة، إنّما هي من أكاذيب الأعداء وانتحالاتهم، مثلما روي من أنّه عليهالسلام قال:
اِختاروا مِنّي خِصالاً ثَلاثا: إمّا أن أرجِعَ إلَى المَكانِ الَّذي أقبَلتُ مِنهُ، وإمّا أن أضَعَ يَدي في يَدِ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ، فَيَرى فيما بَيني وبَينَهُ رَأيَهُ، وإمّا أن تُسَيِّروني إلى أيِّ ثَغرٍ مِن ثُغورِ المُسلِمينَ شِئتُم، فَأَكونَ رَجُلاً مِن أهلِهِ، لي ما لَهُم، وعَلَيَّ ما عَلَيهِم.۵
أو ما نسبه إليه في كتاب نور العين من أنّه قال لشمر بن ذي الجوشن عندما همّ بقتله:
إذاً ولابدّ من قتلي فاسقني شربة ماءٍ! فقال: هيهات أن تذوق الماء، بل تذوق الموت غصّةً بعد غصّةٍ، وجرعةً بعد جرعةٍ.۶
إن مثل هذه الروايات تخالف اُصول عقائد الشيعة بشأن المكانة السامية لأهل