فَقالَ: أنتَ تَرُدُّهُم إلى مَنازِلِهِم، ثُمَّ دَعا بِمِبرَدٍ فَأَقبَلَ يُبرِدُ الجامِعَةَ مِن عُنُقِهِ بِيَدِهِ.
ثُمَّ قالَ لَهُ: يا عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ، أتَدري مَا الَّذي اُريدُ بِذلِكَ ؟
قالَ: بَلى، تُريدُ أن لا يَكونَ لِأَحَدٍ عَلَيَّ مِنَّةٌ غَيرُكَ.
فَقالَ يَزيدُ: هذا وَاللّهِ ما أرَدتُ أفعَلُهُ.
ثُمَّ قالَ يَزيدُ: يا عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ «وَ مَا أَصَبَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ».۱
فَقالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهالسلام: كَلاّ ما هذِهِ فينا نَزَلَت، إنَّما نَزَلَت فينا: «مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَ لاَ فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَ لِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَا ءَاتَلكُمْ»۲ فَنَحنُ الَّذينَ لا نَأسى عَلى ما فاتَنا ولا نَفرَحُ بِما آتانا.۳
۶۱۷.الفتوح: تَقَدَّمَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهالسلام حَتّى وَقَفَ بَينَ يَدَي يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ، وجَعَلَ يَقولُ:
لا تَطمَعوا أن تُهينونا ونُكرِمَكُم
وأن نَكُفَّ الأَذى عَنكُم وتُؤذونا
فَاللّهُ يَعلَمُ أنّا لا نُحِبُّكُم
ولا نَلومُكُمُ إن لَم تُحِبّونا
فَقالَ يَزيدُ: صَدَقتَ ـ يا غُلامُ ـ، ولكِن أرادَ أبوكَ وجَدُّكَ أن يَكونا أميرَينِ، فَالحَمدُ للّهِِ الَّذي أذَلَّهُما وسَفَكَ دِماءَهُما.
فَقالَ لَهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهالسلام: يَابنَ مُعاوِيَةَ وهِندٍ وصَخرٍ، لَم يَزالوا آبائي وأجدادي فيهِمُ الإِمرَةُ مِن قَبلِ أن نَلِدَ، ولَقَد كانَ جَدّي عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليهالسلام يَومَ بَدرٍ واُحُدٍ وَالأَحزابِ في يَدِهِ رايَةُ رَسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله، وأبوكَ وجَدُّكَ في أيديهِما راياتُ الكُفّارِ.