599
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

هو اقتياد الأسرى من الطرق الفرعية ولا يطاف بهم في المدن.

۴. بناءً على ما تقدّم، فإنّ النقطة الوحيدة التي ترجّح الطريق السلطاني أو المحاذي للفرات على طريق البادية، هي قربه من الماء. على أنّ هذه القضية لا تمثّل وجه ترجيح قوي؛ نظراً إلى صِغَر الركب وإمكانية حمل الماء على الجمال.
وممّا يؤيّد هذه الملاحظة عدم ذكر تفاصيل السفر، وعدم توفّر رواية حول مرور الركب بالمدن، وعلى الأقلّ ذكر مدينة أو مدينتين من المدن المهمّة الواقعة في الطريق، وهو ما يدلّ بحدّ ذاته على اجتياز الطريق الصحراوي، أو الطرق الفرعية.

۵. هناك بعض القرائن التي يمكن من خلالها القول بترجيح طريق البادية على الطريقين الآخرَين، وهي:
أوّلاً: لوكان مسير الاُسارى هو طريق ضفاف الفرات أو الطريق السلطاني اللذين يمرّان عبر مدن كثيرة، لنقلت لنا المصادر المعتبرة بعض الأخبار المتعلّقة بكيفية مواجهة أهالي تلك المدن مع أهل البيت عليهم‏السلام، أو على الأقلّ مشاهدتهم فيها ؛ كما هو الحال في كربلاء والكوفة والشام، في حين إنّنا لا نجد في هذا المجال خبرٌ واحد حول هذا الموضوع.
بناءً على ذلك، فالظاهر أنّ مسير السبايا كان من طريق قليلة السكّان أو خالية منهم، وهو ما يرجّح طريق البادية.
ثانيا: إنّ الاعتراضات التي كانت تشكّل ضغوطا على الجهاز الحاكم والتي بدأت منذ اللحظة الاُولى لشهادة الإمام الحسين عليه‏السلام ؛ حتّى من قِبل الموالين للحكومة واُسَرِ المقاتلين الجُناة و أصداء واقعة عاشوراء وانعكاساتها في الكوفة، تشكّل وبطبيعة الحال مانعا عن نقل السبايا والرأس الشريف عن طريق المدن والقرى العامرة بالسكّان!
ويؤيّد ذلك ما ورد في كتاب الكامل للبهائي، حيث قال:


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
598

للتعارض؛ لأن من بين المواضع المذكورة ديراً في أوائل الطريق، وهو لا يتلاءم مع قِنَّسرين الواقعة في أواخر الطريق.

الجدير بالذكر هو أنّه على فرض صحّة رواية ابن شهرآشوب، فلا يثبت بها مرور السبايا من الطريق السلطاني؛ لأنّ قسماً من الطريق السلطاني وطريق الفرات كان مشتركاً، ومنطقة قِنَّسرين تقع على الطريق المحاذي للفرات أيضاً. نعم، لو صحّت هذه الرواية فهي تنفي مرور السبايا من طريق البادية.

۳. في تصوّرنا ـ وخلافاً للرائج في العصر الأخير ـ أنّ الطريق السلطاني يمثّل أقلّ الاحتمالات ؛ لأنّه أبعد الطرق، بل لا يمثل طريقاً طبيعيّاً لركب صغير يُقتاد سبياً، لا للسياحة والتنزّه.
وبالإضافة إلى ذلك، فلا يوجد مصدر معتبر يعضد هذا القول، بل إنّ مستنده هو المقتل المنسوب إلى أبي مخنف۱. ومن جهة اُخرى فالمسافة الطويلة للطريق السلطاني لا تتلاءم وقضيّة الأربعين۲ ؛ أي حضور اُسارى أهل البيت عليهم‏السلام في الأربعينيّة الاُولى لشهادة أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام عند قبره الشريف، عند عودتهم من الشام.
نعم، قد يقال بأنّ استعراض الجهاز الحاكم لقوّته كان يقتضي الطواف بالسبايا داخل المدن، ولذلك فقد اختاروا الطريق السلطاني. إلاّ أنّ هذا الوجه يتلاءم مع أخذ الأسرى عبر طريق ضفاف الفرات أيضا؛ ذلك لأنّ هذا الطريق يمرّ بمدنٍ عديدة أيضا. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ استعراض القوّة كان من الممكن أن يتجلّى بالطواف بالرؤوس أيضاً، ولم تكن هناك حاجة إلى الطواف بمجموعة صغيرة مؤلّفة من النساء والأطفال؛ ذلك لأنّ هذا الأمر إذا لم يدلّ على ضعف الجهاز الحاكم، فإنّه لا يدلّ على قوّته، خاصّة وأنّ جهاز الحكم شهد شجاعة وبلاغة الإمام السجّاد عليه‏السلام وزينب الكبرى عليهاالسلاموالسبايا الآخرين في الكوفة. وبناءً على ذلك فمقتضى السياسة

1.. مقتل الحسين عليه‏السلام المنسوب إلى أبي مخنف: ص۱۸۰ .

2.. خصوصاً و أنّ هذا المقتل قد ذكر أحداثاً تفصيليّة يستغرق وقوعها وقتاً حدثت أثناء مسير السبايا .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16139
صفحه از 895
پرینت  ارسال به