وفيما يتعلّق بدفن سيّد الشهداء وأصحابه اشتهرت بعض الاُمور وجرت على الألسنة، إلاّ إنها لم تُذكر في المصادر الحديثيّة والتاريخيّة القديمة والمعتبرة. نعم، جاء في كتاب الدمعة الساكبة في رواية مفصّلة:
إنّ بني أسد عندما جاووا لدفن الإمام وأصحابه، رأوا أعرابيّاً فأرشدهم لدفن الشهداء، حتّى انتهى إلى جسد سيّد الشهداء، فبكى بكاءً شديداً، ولم يدعهم يدفنونه، وقال: مَعي مَن يُعينُني. ثمّ أنّه بسط كفّيه تحت ظهره الشريف، وقال: «بِسمِ اللّهِ وبِاللّهِ وفي سَبيلِ اللّهِ وعَلى مِلَّةِ رَسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله، هذا ما وَعَدَنَا اللّهُ تَعالى ورَسولُهُ، وصَدَقَ اللّهُ ورَسولُهُ، ما شاءَ اللّهُ، لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بِاللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ».
ثمّ أنزله وحده ولم يشرك معه أحداً منّا، ثمّ وضع خدّه بنحره الشريف وهو يبكي، و يقول: «طوبى لِأَرضٍ تَضَمَّنَت جَسَدَكَ الشَّريفَ، أمَّا الدُّنيا فَبَعدَكَ مُظلِمَةٌ، وَالآخِرَةُ فَبِنورِكَ مُشرِقَةٌ، أمَّا الحُزنُ فسَرمَدٌ، وَاللَّيلُ فَمُسَهَّدٌ، حَتّى يَختارَ اللّهُ لي دارَكَ الَّتي أنتَ مُقيمٌ بِها، فَعَلَيكَ مِنّي السَّلامُ يَابنَ رَسولِ اللّهِ ورَحمَةُ اللّهِ وبَركاتُهُ».
ثمّ شرج عليه اللبن وأهال عليه التراب، ثمّ وضع كفّه على القبر وخطّه بأنامله وكتب: «هذا قَبرُ حُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ الَّذي قَتَلوهُ عَطشاناً غَريباً».
ثمّ دفنوا العبّاس بعد أن أرشدهم إليه، وأخيراً خاطب بنو أسد الأعرابيَّ قائلين: يا أخا العرب، نسألك بحقّ الجسد الّذي واريته بنفسك وما أشركت معك أحداً منّا، من أنت؟ فبكى بكاءً شديداً، وقال: «أنَا إمامُكُم عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهالسلام»، فقلنا: أنت عليّ! فقال: «نَعَم»، فغاب عن إبصارنا.۱
ولكن ينبغي الالتفات إلى أنّ كتاب الدمعة الساكبة وسائر المصادر التي نقلت هذه الرواية، لا يمكن الوثوق بها، كما أوضحنا ذلك في مبحث بليوغرافية تاريخ عاشوراء.