497
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

سَماعُ اُذني يَومَئِذٍ مِنَ الحُسَينِ عليه‏السلام يَقولُ: قَتَلَ اللّه‏ُ قَوماً قَتَلوكَ يا بُنَيَّ! ما أجرَأَهُم عَلَى الرَّحمنِ، وعَلَى انتِهاكِ حُرمَةِ الرَّسولِ! عَلَى الدُّنيا بَعدَكَ العَفاءُ.
قالَ: وكَأَنّي أنظُرُ إلَى امرَأَةٍ خَرَجَت مُسرِعَةً كَأَنَّهَا الشَّمسُ الطّالِعَةُ تُنادي: يا اُخَيّاه! ويَابنَ اُخَيّاه! قالَ: فَسَأَلتُ عَلَيها، فَقيلَ: هذِهِ زَينَبُ ابنَةُ فاطِمَةَ ابنَةِ رَسولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَجاءَت حَتّى أكَبَّت عَلَيهِ، فَجاءَهَا الحُسَينُ عليه‏السلام فَأَخَذَ بِيَدِها فَرَدَّها إلَى الفُسطاطِ.
وأقبَلَ الحُسَينُ عليه‏السلام إلَى ابنِهِ، وأقبَلَ فِتيانُهُ إلَيهِ، فَقالَ: اِحمِلوا أخاكُم، فَحَمَلوهُ مِن مَصرَعِهِ حَتّى وَضَعوهُ بَينَ يَدَيِ الفُسطاطِ الَّذي كانوا يُقاتِلونَ أمامَهُ.۱

۴۶۸.الملهوف: فَلَمّا لَم يَبقَ مَعَهُ إلاّ أهلُ بَيتِهِ، خَرَجَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه‏السلام ـ وكانَ مِن أصبَحِ النّاسِ وَجهاً، وأحسَنِهِم خُلُقاً ـ فَاستَأذَنَ أباهُ فِي القِتالِ، فَأذِنَ لَهُ؛ ثُمَّ نَظَرَ إلَيهِ نَظرَةَ آيِسٍ مِنهُ، وأرخى عليه‏السلام عَينَيهِ وبَكى.
ثُمَّ قالَ: اللّهُمَّ اشهَد، فَقَد بَرَزَ إلَيهِم غُلامٌ أشبَهُ النّاسِ خَلقاً وخُلُقاً ومَنطِقاً بِرَسولِكَ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وكُنّا إذَا اشتَقنا إلى نَبِيِّكَ نَظَرنا إلَيهِ. فَصاحَ وقالَ: يَا بنَ سَعدٍ، قَطَعَ اللّه‏ُ رَحِمَكَ كَما قَطَعتَ رَحِمي.
فَتَقَدَّمَ نَحوَ القَومِ، فَقاتَلَ قِتالاً شَديداً، وقَتَلَ جَمعاً كَثيراً، ثُمَّ رَجَعَ إلى أبيهِ وقالَ: يا أبَتِ! العَطَشُ قَد قَتَلَني، وثِقلُ الحَديدِ۲ قَد أجهَدَني، فَهَل إلى شَربَةِ ماءٍ مِن سَبيلٍ؟
فَبَكَى الحُسَينُ عليه‏السلام وقالَ: واغَوثاه! يا بُنَيَّ مِن أينَ آتي بِالماءِ، قاتِل قَليلاً، فَما أسرَعَ ما تَلقى جَدَّكَ مُحَمَّداً صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَيَسقيكَ بِكَأسِهِ الأَوفى شَربَةً لا تَظمَأُ بَعدَها.

1.. تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۴۶ .

2.. ويحتمل أن يكون مراد عليّ بن الحسين عليه‏السلام من ثقل الحديد كثرة عسكر المخالفين (راجع : نفس المهموم:ص ۵۸۹) .


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
496

قالَ: وأقبَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِن عَبدِ القَيسِ، يُقالُ لَهُ: مُرَّةُ بنُ مُنقِذِ بنِ النُّعمانِ فَطَعَنَهُ، فَحُمِلَ فَوُضِعَ قَريباً مِن أبيهِ.
فَقالَ لَهُ: قَتَلوكَ يا بُنَيَّ، عَلَى الدُّنيا بَعدَكَ العَفاءُ، وضَمَّهُ أبوهُ إلَيهِ حَتّى ماتَ. فَجَعَلَ الحُسَينُ عليه‏السلام يَقولُ: اللّهُمَّ دَعَونا لِيَنصُرونا فَخَذَلونا وقَتَلونا، اللّهُمَّ فَاحبِس عَنهُم قَطرَ السَّماءِ، وَامنَعهُم بَرَكاتِ الأَرضِ، فَإِن مَتَّعتَهُم إلى حينٍ فَفَرِّقهُم شِيَعاً، وَاجعَلهُم طَرائِقَ قِدَداً، ولا تُرضِ الوُلاةَ عَنهُم أبَداً.۱

۴۶۷.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن زهير بن عبد الرحمن بن زهير الخثعمي: كانَ آخِرَ مَن بَقِيَ مَعَ الحُسَينِ عليه‏السلام مِن أصحابِهِ سُوَيدُ بنُ عَمرِو بنِ أبِي المُطاعِ الخَثعَمِيُّ، قالَ: وكانَ أوَّلَ قَتيلٍ مِن بَني أبي طالِبٍ يَومَئِذٍ عَلِيٌّ الأَكبَرُ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه‏السلام، واُمُّهُ لَيلَى ابنَةُ أبي مُرَّةَ بنِ عُروَةَ بنِ مَسعودٍ الثَّقَفِيِّ، وذلِكَ أنَّهُ أخَذَ يَشُدُّ عَلَى النّاسِ وهُوَ يَقولُ:
أنَا عَلِيُّ بنُ حُسَينِ بنِ عَلِيّ
نَحنُ وَرَبِّ البَيتِ أولى بِالنَبِيّ
تَاللّهِ لا يَحكُمُ فينَا ابنُ الدَّعِيّ
قالَ: فَفَعَلَ ذلِكَ مِراراً، فَبَصُرَ بِهِ مُرَّةُ بنُ مُنقِذِ بنِ النُّعمانِ العَبدِيُّ ثُمَّ اللَّيثِيُّ، فَقالَ: عَلَيَّ آثامُ العَرَبِ، إن مَرَّ بي يَفعَلُ مِثلَ ما كانَ يَفعَلُ إن لَم اُثكِلهُ۲ أباهُ، فَمَرَّ يَشُدُّ عَلَى النّاسِ بِسَيفِهِ، فَاعتَرَضَهُ مُرَّةُ بنُ مُنقِذٍ فَطَعَنَهُ فَصُرِعَ، وَاحتَوَلَهُ۳ النّاسُ فَقَطَّعوهُ بِأَسيافِهِم.
قالَ أبو مِخنَفٍ: حَدَّثَني سُلَيمانُ بنُ أبي راشِدٍ، عَن حُمَيدِ بنِ مُسلِمٍ الأَزدِيِّ، قالَ:

1.. الطبقات الكبرى الطبقة الخامسة من الصحابة: ج ۱ ص ۴۷۰ .

2.. الثُّكْل: الموت والهلاك، وفقدان الحبيب أو الولد القاموس المحيط: ج ۳ ص ۳۴۳ «ثكل» .

3.. احتولَهُ القومُ: احتوشوا حواليه لسان العرب: ج ۱۱ ص ۱۸۷ «حول» .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14726
صفحه از 895
پرینت  ارسال به