49
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

وسبعون رجلاً، فنظرت إلى أبي منكساً رأسه، فخنقتني العبرة....۱

الجدير بالذكر هو أنّنا لا نجدُ أمرَ الإمام بإطفاء المصابيح حتّى في المقاتل الضعيفة، ولم يروِ أيّ مصدرٍ معتبرٍ أنّ أحدا من أصحاب الحسين عليه‏السلام ترك الإمام في ليلة عاشوراء، بل إنّ الأمر على العكس من ذلك، فقد أبدى الجميع المقاومة والصمود في مقابل اقتراح الإمام عليه‏السلام بمغادرة كربلاء، مستهينين بالموت، وخلقوا ملحمة خالدة بأقوال حماسيّة، معبّرين عن استعدادهم للتضحية في سبيل اللّه‏.

۴. قصّة هلال وحبيب ومجيؤهما بالأصحاب إلى جوار خيمة أهل البيت عليهم‏السلام

روى صاحب كتاب الدمعة الساكبة رواية مفصّلة ومثيرة تفيد بأنّ الإمام الحسين عليه‏السلام خرج ذات ليلة من المخيّم، فتبعه هلال بن نافع للحفاظ على حياته عليه‏السلام، وعندما التفت له الإمام، اقترح عليه ـ بعد حديث دار بينهما ـ أن يغادر كربلاء وينقذ نفسه، إلاّ أنّ هلالاً رفض هذا الاِقتراح. يقول هلال:

ثمّ انفصل الإمام عنّي ودخل فسطاط اُخته. وبما أنّ الشكّ كان قد انتاب زينب بشأن وفاء أصحاب الإمام، قالت له:

أخي! هل استعلمت من أصحابك نيّاتهم؟ فإنّي أخشى أن يسلّموك عند الوثبة واصطكاك الأسنّة.

فهنا بكى الإمام وقال:

أما واللّه‏، لقد نهرتهم وبلوتهم، وليس فيهم الأشوس الأقعس، يستأنسون بالمنيّة دوني استئناس الطفل بلبن اُمّه.۲

واستمرارا في هذه القصّة روي فيها أنّ هلالاً بكى عند سماع هذا الكلام، وأخبر حبيب بن مظاهر بالخبر، فنادى حبيب في تلك الليلة بالأنصار وجمعهم عند خيمة

1.. الدمعة الساكبة : ج ۴ ص ۲۷۱ .

2.. الدمعة الساكبة: ج ۴ ص ۲۷۲.


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
48

ويبدو أنّ كتاب روضة الشهداء هو المصدر الأصلي لهذه الرواية۱، حيث قام صاحب كتاب المنتخب بترجمة ذلك النصّ إلى العربية، ولا نجد هذه الرواية في المصادر القديمة والقابلة للاعتماد.

۳. الأمر بإطفاء المصابيح في ليلة عاشوراء

اشتهر أنّ الإمام الحسين عليه‏السلام أمر بإطفاء المصابيح ليلة عاشوراء؛ كي يمضي كلّ من شاء لشأنه. فأُطفئت المصابيح وأخذ أصحاب الإمام عليه‏السلام بالمغادرة.

ويبدو أنّ أصل هذه الحادثة مأخوذة من كتاب الدمعة الساكبة الضعيف، والذي نقلها بدوره عن كتاب آخر أكثر ضعفا منه وهو كتاب نور العين۲، ونسب هذه الرواية إلى سكينة عليهاالسلام:

كنت جالسة في ليلة مقمرة وسط الخيمة وإذا أنا أسمع من خلفها بكاءً وعويلاً، فخشيت أن يفقه بي النساء، فخرجت أعثر بأذيالي، وإذا بأبي عليه‏السلام جالس وحوله أصحابه وهو يبكي، وسمعته يقول لهم: اعلموا أنّكم خرجتم معي لعلمكم أنّي أقدم على قوم بايعوني بألسنتهم وقلوبهم، وقد انعكس الأمر؛ لأنّهم استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر اللّه‏، والآن ليس لهم مقصد إلاّ قتلي وقتل من يجاهد بين يدي، وسبي حرمي بعد سلبهم، وأخشى أن تكون ما تعلمون وتستحون، والخدع عندنا أهل البيت محرّم، فمن كره منكم ذلك فلينصرف، فإنّ الليل ستير والسبيل غير خطير والوقت ليس بهجير، ومن واسانا بنفسه كان معنا غداً في الجنان نجيّاً من غضب الرحمان، وقد قال جدّي محمّد رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ولدي حسين يُقتل بأرض كربلاء غريباً وحيداً عطشاناً فريداً، فمن نصره فقد نصرني ونصر ولده القائم عجّل اللّه‏ فرجه، ولو نصرنا بلسانه فهو في حزبنا يوم القيامة. قالت سكينة: فواللّه‏ ما أتمّ كلامه إلاّ وتفرّق القوم من عشرة وعشرين، فلم يبق معه إلاّ واحد

1.. روضة الشهداء: ص ۲۵۲ .

2.. الجدير بالذكر هو أنّنا لم نعثر على هذا الموضوع في كتاب نور العين .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14088
صفحه از 895
پرینت  ارسال به